للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ والنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَلَا أتْرُكُ فِيَها إلَّا مُسْلِمًا". قال الترمِذِىُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وعن ابن عبَّاسٍ، قال: أوْصَى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بثلاثَةِ أشياءَ، قال: "أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ". وسكتَ عن الثالث. روَاه أبو داوُدَ (٣٦). وجزيرَةُ العربِ ما بَيْنَ الوادِى إلى أقْصَى الْيَمَنِ. قالَه سعيدُ بن عبد العزيز. وقال الأصمَعِىُّ وأبو عُبَيْدٍ: هى من ريِفِ العراقِ إلى عَدَن طُولًا، ومن تِهامَةَ وما وَراءَها إلى أطْرافِ الشامِ عَرْضًا. وقال أبو عُبَيْدَةَ: هى من حَفْرِ أبى موسى (٣٧) إلى اليَمَنِ طُولًا، ومن رَمْلِ يَبْرِينَ (٣٨) إلى مُنْقَطَعِ السَّماوَةِ (٣٩) عَرْضًا. قال الخليلُ: إنَّما قيلَ لها جزيرةٌ (٤٠)؛ لأنَّ بحرَ الحَبَشِ (٤١) وبحرَ فارِس والفُراتَ قد أحاطَتْ بها، ونُسِبَتْ إلى العربِ؛ لأنَّها أرْضُها ومَسْكنُها ومَعْدِنُها. وقال أحمد: جزيرةُ العرب المدينةُ وما وَالاها. يعنى أَنَّ الممْنوعَ من سُكْنَى الكُفَّارِ به (٤٢) المدينة وما وَالَاها، وهو مكًّةُ واليَمامَةُ وخَيْبَرُ واليَنْبُعُ وفَدَكُ ومَخاليفُها، وما والاها. وهذا قولُ الشافِعِىّ؛ لأنَّهُم لم يُجْلَوْا من تَيْماءَ (٤٣)، ولا من اليَمَنِ. وقد رُوِىَ عن أبى عُبَيْدَةَ بن الْجَرَّاحِ، أنَّه قال: إنَّ آخِرَ ما تَكَلَّمَ به النَّبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ (٤٤) قال: "اخرِجُوا الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ" (٤٥). فأمَّا إخْراجُ أهل نَجْرانَ منه، فلأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صالَحَهُم على تَرْكِ الرِّبَا، فنَقَضُوا


(٣٦) فى: الباب السابق.
كما أخرجه البخارى، فى: باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، من كتاب الجزية. صحيح البخارى ٤/ ١٢١. ومسلم، فى: باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه، من كتاب الوصية. صحيح مسلم ٣/ ١٢٥٨.
(٣٧) حفر أبى موسى: ركايا أحفرها أبو موسى الأشعرى على جادة البصرة إلى مكة. معجم البلدان ٢/ ٢٩٤.
(٣٨) يبرين: رمل لا تدرك أطرافه عن يمين مطلع الشمس من حجر اليمامة. معجم البلدان ٤/ ١٠٠٥.
(٣٩) بادية السماوة: بين الكوفة والشام. انظر: معجم البلدان ٣/ ١٣١.
(٤٠) فى أ، ب زيادة: "العرب".
(٤١) فى النسخ: "الجيش" تصحيف. وبحر الحبش هو بحر القلزم، ويعرف اليوم بالبحر الأحمر.
(٤٢) سقط من: أ، ب، م.
(٤٣) تيماء: بليد فى أطراف الشام، بين الشام ووادى القرى. معجم البلدان ١/ ٩٠٧.
(٤٤) فى م: "أنه".
(٤٥) أخرجه الدارمى، فى: باب إخراج المشركين من جزيرة العرب، من كتاب السير. سنن الدارمى ٢/ ٢٣٣. والبخارى، فى: التاريخ الكبير ٤/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>