للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِدَّةِ الحَرِّ في مكانِ السُّجودِ. رَوَاهُ البخارِىُّ، ومُسْلِمٌ (٢٤). وعن ثابتِ بنِ الصَّامِتِ، أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى في بَنِى عبدِ الأشْهَلِ، وعليهِ كسَاءٌ مُلْتَفٌّ بهِ يَضَعُ يَدْيهِ عليه، يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى. وفِي رِوَايَةٍ: فَرأيْتُه واضِعًا يدَيْهِ على قَرْنِه إذا سجد. رواهُ ابن ماجَه (٢٥). ورُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه سجد على كُورِ العِمَامَةِ، وهو ضعيفٌ (٢٦) وقال الحسنُ: كانَ القومُ يسجُدونَ على العِمَامةِ والقَلَنْسُوَةِ، ويَدُه في كُمِّهِ. ولأنَّه عُضْوٌ مِن أعْضاءِ السُّجودِ، فجَازَ السجودُ على حائِلِه، كالقدَمَيْنِ. فأمَّا حديثُ خَبَّابٍ فالظَّاهرُ أنَّهم طَلَبُوا منهُ تأْخِيرَ الصَّلاةِ، أو تَسْقِيفَ المسجِدِ، أو نحوَ ذلك، ممَّا يُزِيلُ عنهم ضررَ الرَّمْضَاءِ في جِباهِهم وأكُفِّهم، أما الرُّخْصةُ في السُّجودِ على كُورِ العِمَامَةِ، فالظَّاهِرُ أنَّهم لم يَطْلُبُوه؛ لأنَّ ذلكَ إنَّما طَلَبَه الفُقراءُ، ولم يَكُنْ لهم عَمَائِمُ، ولا أكْمامٌ طِوَالٌ يَتَّقُونَ بها الرَّمْضَاءَ، فكيف يَطْلُبُون منه الرُّخْصَةَ فيها؟ ولو احْتَمَلَ ذلك، لكنَّه لا يتَعَيَّنُ، فلمَ يُحْمَلُ عليه دون غيرِه؟ . ولذلِكَ لم يَعْمَلُوا به في الأكُفِّ. قال أبو إسْحاقَ: المَنْصُوصُ عن الشَّافعىِّ أنَّه لا يَجِبُ كَشْفُهما. قال: وقد قِيل فيه قولٌ آخَرُ، إنَّه يجبُ. وإنْ سجدَ على يدَيْهِ لم يَصِحَّ، روَايَةً واحِدَةً؛ لأنَّه سجد على عُضْوٍ مِن أعضاءِ السُّجودِ، فالسُّجودُ يُؤَدِّى إلى تَدَاخُلِ السُّجودِ، بِخِلَافِ مسألتِنَا. وقال القاضي في "الجامِعِ": لم أجدْ عن أحمدَ نصًّا فِي هذه المسألَةِ، ويجبُ أنْ تكونَ مَبْنِيَّةً على السُّجودِ على غيرِ الجَبْهَةِ. هل هو واجبٌ؟ على روايَتَينِ؛ إنْ قُلْنَا: لا


(٢٤) أخرجه البخاري، في: باب السجود على الثوب في شدة الحر، وباب الصلاة على الفراش، وصلى أنس على فراشه، من كتاب الصلاة، وفى: باب وقت الظهر بعد الزوال، من كتاب المواقيت. صحيح البخاري ١/ ١٠٧، ١٠٨، ١٤٣. ومسلم، في. باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر، من كتاب المساجد. صحيح مسلم ١/ ٤٣٣. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما ذكر من الرخصة في السجود على الثوب في الحر والبرد، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى ٣/ ٦٧. والنسائي، في: باب السجود على الثياب، من كتاب التطبيق. المجتبى ١/ ١٧١. وابن ماجه، في: باب السجود على الثياب في الحر والبرد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٢٩. والدارمى، في: باب الرخصة في السجود على الثوب في الحر والبرد. سنن الدارمي ١/ ٣٠٨.
(٢٥) في: باب السجود على الثياب والحر والبرد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٢٩.
(٢٦) أورده الهيثمي في: المجمع ٢/ ١٢٥، من حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>