للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُضِيفَه. قيل: إنْ ضَافَ الرجُلَ ضَيفٌ كافرٌ يُضِيفُه؟ قال: قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ على كلِّ مُسْلِمٍ" (٣٣). وهذا الحديثُ بَيِّن، ولما أضافَ المشركَ دَلَّ على أَنَّ المسلمَ والمُشْرِكَ يُضافُ، وأنا أراه كذلك. والضِّيافَةُ معناها معنى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ على المسلمِ والكافِرِ. واليومُ والليلةُ حَقٌّ واجِبٌ. وقال الشافِعِىُّ: ذلك مُسْتَحَبٌّ، وليس بواجِبٍ؛ لأنَّه غيرُ مُضْطَرٍّ إلى طعامِه، فلم يجبْ عليه بَذْلُه، كما لو لم يُضِفْه. ولَنا، ما رَوَى الْمِقدامُ أبو كَرِيمةَ قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ، فإنْ أصْبَحَ بفِنَائِهِ، فَهُوَ دَيْنٌ علَيْهِ، إِنْ شَاءَ اقْتَضَى، وإِنْ شَاءَ تَرَكَ". حديث صحيح (٣٤). وفى لفظٍ: "أيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا، فأصبَحَ الضَّيفُ مَحْرُومًا، فَإِنَّ نَصْرَهُ عَلَى كُلِّ مُسْلمٍ حَقٌّ، يأخذُ بِحَقِّه مِنْ زَرْعِهِ وَمَالِهِ". روَاه أبو داودَ (٣٥). والواجبُ يومٌ ولَيْلَة، والكمالُ ثلاثةُ أيَّامٍ؛ لما رَوَى أبو شُرَيْحٍ الخُزاعِىُّ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الضِّيافَةُ ثلاثَةُ أيامٍ، وجائِزَتُه يومٌ ولَيْلَةٌ، ولَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يقيمَ عِنْدَ أخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ". قالوا: يا رسولَ اللَّه، كيف يُؤْثِمُهُ؟ قال: "يقيمُ عِنْدَهُ، ولَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَقْرِيهِ". مُتَّفَقٌ عليه (٣٦). قال أحمدُ: "جائِزَتُه يومٌ وليلَةٌ" كأنَّه أوْكَدُ من سائِرِ الثلاثةِ، ولم يُرِدْ يومًا وليلةً سِوَى الثلاثَةِ؛ لأنَّه يصيرُ أربعةَ أيام، وقد قال: "وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، فَهُوَ صَدَقَةٌ".


(٣٣) أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء فى الضيافة، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣٠٨. وابن ماجه، فى: باب حق الضيف، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه ٢/ ١٢١٢. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ١٣٠، ١٣٣.
(٣٤) أخرجه أبو داود، فى: الباب السابق. وابن ماجه، فى الباب السابق. والدارمى، فى: باب فى الضيافة، من كتاب الأطعمة. سنن الدارمى ٢/ ٩٨. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ١٣٠، ١٣٢، ١٣٣.
(٣٥) فى الباب السابق. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ١٣٣.
(٣٦) أخرجه البخارى، فى: باب إكرام الضيف، من كتاب الأدب، وفى: باب حفظ اللسان، من كتاب الرقاق. صحيح البخارى ٨/ ٣٩، ١٢٥. ومسلم، فى: باب الضيافة ونحوها، من كتاب اللقطة. صحيح مسلم ٣/ ١٣٥٣.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء فى الضيافة، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣٠٨. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الضيافة كم هو؟ ، من أبواب البر والصلة. عارضة الأحوذى ٨/ ١٤٥. وابن ماجه، فى: باب حق الضيف، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه ٢/ ١٢١٢. والدارمى، فى: باب فى الضيافة، من كتاب الأطعمة. سنن الدارمى ٢/ ٩٨. والإمام مالك، فى: باب جامع ما جاء فى الطعام والشراب، من كتاب صفة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-. الموطأ ٢/ ٩٢٩. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٣٥٤، ٤٣١، ٣/ ٢١، ٣٧، ٤/ ٣١، ٦/ ٣٨٥، ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>