للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفَرَعَةِ، من كُلِّ خمسين (١٧) واحِدَةٌ (١٨). قال ابنُ المنذر: هذا حَدِيثٌ ثابِتٌ. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرةَ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لَا فَرَعَ، وَلا عَتِيرَةَ". مُتَّفَقٌ عليه (١٩). وهذا الحديث مُتَأَخِّرٌ عن الأمْرِ بها، فيكونُ ناسِخًا، ودليلُ تأخُّرِه أَمْران؛ أحدُهما، أَنَّ راوِيَه أبو هُرَيْرَةَ، وهو مُتأخِّرُ الإِسلامِ، فإنَّ إِسْلامَه فى سنةِ فتْحِ خَيْبَرَ، وهى السنةُ السابعةُ من الهجرةِ، والثانى، أَنَّ الفَرَعَ والْعَتِيرَةَ كان فِعْلُها أمْرًا مُتَقَدِّمًا على الإِسلامِ، فالظَّاهِرُ بَقاؤُهم عليه إلى حينِ نَسْخِه، واسْتمرارُ النَّسخِ من غيرِ رَفْعٍ له، ولو قَدَّرْنا تقدُّمَ النَّهْى على (٢٠) الأَمْر بها، لَكانَتْ قد نُسِخَت ثم نُسِخٍ ناسِخُها، وهذا خلافُ الظَّاهِر. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ المُرادَ بالخَبرِ نَفْيُ كَوْنِها سُنَّةً، لا تَحْرِيمُ فِعْلِها، ولا كراهَتُه، فلو ذَبَحَ إنسانٌ ذَبِيحَةً فى رَجَب، أو ذَبَحَ ولَدَ الناقَةِ لحاجَتِه إلى ذلك، أو للصَّدَقَةِ به وإطْعامِه، لم يكُنْ ذلك مكروهًا. واللَّهُ تعالى أعلمُ.


(١٧) فى ب، م: "خمس".
(١٨) أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى الفرع والعتيرة، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى ٩/ ٣١٢.
(١٩) أخرجه البخارى، فى: باب الفرع والعتيرة، من كتاب العقيقة. صحيح البخارى ٧/ ١١٠. ومسلم، فى: باب الفرع والعتيرة، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم ٣/ ١٥٦٤.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى العتيرة، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود ٢/ ٩٤. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الفرع والعتيرة، من أبواب الأضحية. عارضة الأحوذى ٦/ ٣١٢. والنسائى، فى: باب أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. . .، من كتاب الفرع. المجتبى ٧/ ١٤٧. وابن ماجه، فى: باب الفرعة والعتيرة، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٥٨. والدارمى، فى: باب الفرع والعتيرة، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى ٢/ ٨٠، والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٣٩، ٢٧٩، ٤٩٠.
(٢٠) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>