للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وقد طَاوَعُوا أَمْرَ الْعَدُوَّ الْمُزَايِلِ *

أي المُفارِق.

أي: لا يُذْكَرُ الماءُ إلَّا مُضافًا إلى المُخالِطِ له في الغالِبِ. ويُفِيدُ هذا الوصفُ الاحْتِرازَ مِن المُضافِ إلى مَكانِه وَمَقَرِّه، كماءِ الهرِ والبئر؛ فإنَّه إذا زال عن مَكانِه زالت النِّسْبةُ في الغالِب، وكذلك ما تَغَيَّرتْ رائحتُه تغيُّرًا يَسِيرًا، فإنَّه لا يُضافُ في الغالِب.

وقال القاضي (٤): هذا احْتِرازٌ من المُتَغَيِّرِ بالتُّراب؛ لأنَّه يَصْفُو عنه، ويُزايِلُ اسْمُه اسْمَه (٥).

وقد دلت هذه المسألةُ على أحكام:

منها؛ إباحةُ الطَّهارةِ بكلِّ ماءٍ مَوْصوفٍ بهذه الصفة التي ذكَرها، علَى أىِّ صفَةٍ كان من أصْلِ الخِلْقَةِ، من الحرارة والبُرودة، والعُذُوبة والمُلُوحة، نَزَل من السماءِ، أو نَبَع من الأرض، في بحر أو نهر أو بئر أو غَدِير، أو غير ذلك، وقد دَلَّ على ذلك قولُ اللَّه تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} (٦)، وقولهُ سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (٧)، وقولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَىْءٌ" (٨)، وقولُه في البحر: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ".

وهذا قولُ عامَّةِ أهلِ العِلْم، إلَّا أنه حُكِىَ عن عبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن


= * وقد صارَحُونا بالعَداوَةِ والأذَى *
السيرة النبوية، لابن هشام ١/ ٢٧٢.
(٤) يعني أبا يعلى ابن الفراء. وتقدم في صفحة ٦.
(٥) سقط من: م.
(٦) سورة الأنفال ١١.
(٧) سورة الفرقان ٤٨.
(٨) أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في بئر بضاعة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ١٦. والترمذي، في: باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٨٣. والنسائي، في: الباب الأول، وباب ذكر بئر بضاعة، من كتاب المياه. المجتبى ١/ ١٤١، ١٤٢. وابن ماجه، في: باب الحياض، من كتاب الطهارة، سنن ابن ماجه ١/ ١٧٣، ١٧٤. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٣٤، ٣٠٨، ٣/ ١٦، ٣١، ٨٦، ٦/ ١٧٢، ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>