للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلَ وُجودِ سَبَبه، فأشْبَهَ ما لو كفَّرَ قبلَ اليَمِينِ، ودليلُ ذلك أنَّ سبَبَ التَّكْفيرِ الحِنْثُ، إذْ (٢) هو هَتْكُ الاسمِ [المُعظَّمِ المُحْترَمِ] (٣)، ولم يُوجَدْ. وقال الشافِعىُّ كقَوْلِنا فى الإِعْتاقِ والإطْعامِ والكِسْوَةِ، وكقولِهم فى الصِّيامِ، من أجْلِ أنَّه عبادَةٌ بدَنِيَّةٌ. فلم يَجُزْ فِعْلُه قبلَ وُجوبِه لغيرِ (٤) مَشَقَّةٍ، كالصَّلاةِ. ولَنا، ما رَوَى عبدُ الرّحمنِ بنُ سَمُرَةَ، قال: قال لى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ ائْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ". روَاه أبو داود (٥). وفى لفظٍ: "وائْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ" روَاه البُخارِىُّ، والأَثْرَمُ (٥). وروَى أبو هُرَيْرَةَ، وأبو الدَّرْداءِ، وعَدِىُّ بنُ حاتِمٍ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-[نحوَ ذلك. روَاه الأَثْرَمُ. وعن أبى موسى، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-] (٦) أنَّه قال: "إنِّى إنْ شاءَ اللَّهُ لَا أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا كَفَرْتُ عَنْ يَمِينِى، وأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ". أو "أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى". روَاه البُخارِىُّ (٥). ولأنَّه كفَّرَ بعدَ وُجودِ السَّبَبِ، فأَجْزَأَ، كما لو كفَّرَ بعدَ الجَرْحِ، وقبلَ الزُّهوقِ، والسَّبَبُ هو اليَمِينُ، بدليل قولِه تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} (٧). وقولِه سُبْحانَه: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (٨). وقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى". "وكَفِّرْ عَنْ (٩) يَمِينِكَ". وتَسْمِيةِ الكَفَّارَةِ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ، وبهذا ينفصلُ عَمَّا ذَكَرُوه، فإنَّ الحِنْثَ شَرْطٌ وليس بسَبَبٍ، وتَعْجيلُ حَقِّ المالِ بعدَ وُجودِ سبَبِه قبلَ (١٠) وُجودِ شَرْطِه جائِزٌ، بدليلِ تَعْجيلِ الزَّكاةِ بعدَ وُجودِ النِّصابِ وقبلَ (١١) الحَوْلِ، وكفَّارَةِ القَتْلِ بعدَ


(٢) فى ب، م: "إذا".
(٣) فى ب: "الأعظم المحرم".
(٤) فى ب: "من غير".
(٥) تقدم تخريجه، فى: ١١/ ٣٩.
(٦) سقط من: ب. نقل نظر.
(٧) سورة المائدة ٨٩.
(٨) سورة التحريم ٢.
(٩) سقط من: م.
(١٠) فى ب، م: "وقبل".
(١١) سقطت الواو من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>