للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِصالِ الكَفَّارَةِ، فلم يصِحَّ عن المُكفِّرِ بغيرِ أمْرِه، كالصِّيامِ. وهكذا الخلافُ فيما إذا كفَّرَ عنه بإطْعامٍ أو كِسْوةٍ. ولا يجوزُ أَنْ يَنُوبَ عنه فى الصِّيامِ بإذْنِه، ولا بغيرِ إذْنِه؛ لأنَّه عبادَةُ بَدَنِيَّة، فلا تَدْخُلُها النِّيابَةُ. فأمَّا إِنْ أعتقَ عنه بأَمْرِه، نَظَرْتَ؛ فإنْ جعلَ له عِوَضًا، صَحَّ العِتْقُ عن المُعْتَقِ عنه، وله ولاؤُه، وأجْزأَ عن كَفَّارَتِه، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه. وبه يقولُ أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشافِعِىُّ، وغيرُهم؛ لأنَّه حَصَلَ العتقُ عنه بمالِه، فأشْبَهَ ما لو اشْتَراه وكَّلَ البائِعَ فى إعْتاقِه عنه، وإِنْ لم يشترطْ عِوَضًا، ففيه رِوايَتَان؛ إحداهُما، يقَعُ العِتْقُ عن المُعْتَقِ عنه، ويُجْزِئُ فى كَفَّارَتِه (٢٥). وهو قولُ مالِكٍ، والشافِعِىِّ؛ لأنَّه أعْتقَ عنه (٢٦) بأمْرِه، فصَحَّ، كما لو شرطَ عِوَضًا. والأُخْرَى، لا يُجْزِئُ، ووَلاؤُه للمُعْتِقِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ العِتْقَ بِعِوَضٍ كالبَيْعِ (٢٧)، وبغيرِ عِوَضٍ كالهِبَةِ، ومن شَرْط الهِبَةِ القَبْضُ، ولم يحْصُلْ، فلم يَقَعْ عن المَوْهُوبِ له، وفارَقَ البيعَ، فإنَّه لا يُشْترَطُ فيه القَبْضُ. فإنْ كان المُعْتَقُ عنه مَيِّتًا، نَظَرْتَ؛ فإنْ وَصَّى (٢٨) بالعِتْقِ، صَحَّ؛ لأنَّه بأَمْرِه، وإِنْ لم يُوَصِّ بِه، فأعْتَقَ عنه أجْنَبِىٌّ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه ليس بنائِبٍ عنه، وإِنْ أعْتَقَ عنه وأرِثُه، فإنْ لم يكُنْ عليه واجِبٌ، لم يَصِحَّ العِتْقُ عنه، ووَقَعَ (٢٧) عن (٢٩) المُعْتِقِ، وإِنْ كانَ عليه عِتْقٌ واجِبٌ، صَحَّ العِتْقُ عنه؛ لأنَّه نائِبٌ عنه (٣٠) فى مالِه وأداءِ واجِباتِه. فإنْ كانت عليه كَفَّارَةُ يَمينٍ، فكَسَا عنه أو أَطعَمَ عنه (٣١)، جازَ، وإِنْ أعْتَقَ عنه، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّه غيرُ مُتَعَيِّنٍ، فجرَى مَجْرَى التَّطَوُّعِ. والثانِى، يُجْزِئُ، لأنَّ العِتْقَ يقَعُ واجِبًا، لأنَّ الوُجُوبَ [يتَعَيَّنُ فيه] (٣٢) بالفِعْلِ، فأشْبَهَ المُعَيَّنَ من العِتْقِ،


(٢٥) فى ب: "الكفارة".
(٢٦) سقط من: م.
(٢٧) لم يرد فى: الأصل.
(٢٨) فى م: "أوصى".
(٢٩) فى ب: "على".
(٣٠) فى ب، م: "له".
(٣١) سقط من: ب.
(٣٢) فى ب: "معين عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>