للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايتان؛ بِناءً على النَّاسِى. وللشافِعِىِّ قَوْلان، كالرِّوايَتَيْن؛ إحْداهما (٦)، يَحْنَثُ. وهو قولُ مالِكٍ؛ لأنَّه فارَقَه قبلَ اسْتِيفاءِ حَقِّه مُخْتارًا. والثانيةُ (٧)، لا يَحْنَثُ. وهو قولُ أبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ إذا وجَدَها زُيُوفًا، وإِنْ وَجَدَ أكْثرَها نُحاسًا أنَّه (٨) يَحْنَثُ. وإِنْ وجَدَها مُسْتَحَقَّةً، فأخَذَها صاحِبُها، خُرِّجَ أيضًا على الرِّوايَتَين فى النَّاسِى؛ لأنَّه ظَانٌّ أنَّه مُسْتَوْفٍ لِحَقِّه (٩)، فأشْبَهَ ما لو وَجَدَها رَدِيئَةً. وقال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرّأْىِ: لا يَحْنَثُ، وإِنْ علمَ بالحالِ ففارَقَه، حَنِثَ؛ لأَنَّه لم يُوَفِّه حَقَّه. السابِعَةُ، فَلَّسَه الحاكِمُ، ففارَقَه، نَظَرْتَ؛ فإنْ أَلْزَمَه الحاكِمُ، فهو كالمُكْرَهِ، وإِنْ لم يُلْزِمْهُ مُفارَقَتَه، لكن (١٠) فارَقَه لعِلْمِه بوُجُوبِ مُفارَقَتِه، حَنِث؛ لأنَّه فارَقَه من غيرِ إكْراهٍ، فحَنِثَ، كما لو حَلَفَ لا يُصَلِّى، فوَجَبَت عليه صلاةٌ فصَلَّاها. الثامِنَةُ، أحالَه الغَرِيمُ بحَقِّه، ففارَقه، فإنَّه يَحْنَثُ. وبهذا قال الشافِعِىُّ، وأبو يوسفَ (١١)، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ: لا يَحْنَثُ؛ لأَنَّه قدْ بَرِئَ إليه منه. ولَنا، أنَّه ما اسْتَوْفَى حَقَّهُ منه، بدَلِيلِ أنَّه لم يَصِلْ إليه شىءٌ، ولذلك يَمْلِكُ الْمطالَبَةَ به، فحَنِثَ، كما لو لم يُحِلْهُ. فإنْ ظَنَّ أنَّه قد بَرَّ بذلك، ففارَقَه، فقال أبو الخَطَّاب: يُخَرَّجُ على الرِّوايَتَيْن. والصَّحِيحُ أنَّه يَحْنَثُ؛ لأَنَّ هذا جَهْلٌ بحُكْمِ الشَّرْعِ فيه، فلا يسْقُطُ عنهُ (١٢) الحِنْثُ، كما لو جَهِلَ كَوْنَ هذه اليَمِينِ مُوجِبَةً للكفَّارَةِ. فأمَّا إِنْ كانَتْ يَمِينُه: لا فارَقْتُك ولى قِبَلَكَ حَقٌّ. فأَحالَه به، ففارَقَه، لم يَحْنَثْ؛ لأَنَّه لم يَبْقَ له قِبَلَه حَقٌّ. وإِنْ أخَذَ به ضَمِينًا أو كَفِيلًا أو رَهْنًا، ففارَقَه، حَنِثَ، بلا إشْكالٍ؛ لأَنَّه يَمْلِكُ مطالَبَةَ الغَرِيمِ. التاسِعَةُ، قَضاهُ عن حَقِّه عِوَضًا عنه، ثم فارَقَه. فقال ابنُ حامِدٍ: لا يَحْنَثُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه (١٣) قَضاهُ


(٦) فى م: "أحدهما".
(٧) فى م: "والثانى".
(٨) فى م: "فإنه".
(٩) فى م: "حقه".
(١٠) فى م: "لكنه".
(١١) سقط من: م.
(١٢) فى م: "عند".
(١٣) فى أ، ب، م: "قد".

<<  <  ج: ص:  >  >>