للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَثْمانِ، وكانت عَيْنًا تَنْضَبِطُ بالصِّفاتِ، كالحُبوبِ والثِّياب والحيوانِ، احْتاجَ أن يَذْكُر الصِّفاتِ التى تُشْتَرطُ فى السَّلَمِ، وإن ذَكَرَ القيمةَ كان آكَدَ، إلَّا أنَّ الصِّفَةَ تُغْنِى فيه كما تُغْنِى فى العَقْدِ. وإن كانت جَواهِرَ ونحوَها ممَّا لا يَنْضبِطُ بالصِّفَةِ، فلابُدَّ مِن ذِكْرِ قِيمَتِها؛ لأنَّها لا تَنْضَبِطُ إلَّا بها. وإنْ كانَ المُدَّعَى تالِفًا، وهو ممَّا له مِثلٌ، كالمَكيلِ والمَوْزونِ، ادَّعَى مِثْلَه، وضَبَطَه بصِفَتِه. وإن كان ممَّا لا مِثلَ له، كالنباتِ والحيوانِ، ادَّعَى قِيمَتَه؛ لأنها تَجِبُ بتَلَفِه. وإن كان التَّالِفُ شيئًا مُحَلًّى بفضَّةٍ أو بذهبٍ، قوَّمَه بغيرِ جنْس حِلْيَتِه، وإن كان مُحَلًّى بذهبٍ وفِضَّةٍ، قوَّمَه بما شاءَ منهما؛ لأنَّه مَوْضِعُ حاجةٍ. وإن كان المُدَّعَى عَقارًا، فلابُدَّ مِن بيانِ مَوْضِعِه (٤١) وحُدودِه، فيَدَّعِى أنَّ هذه الدارَ بحُدودِها وحُقوقِها لى، وأنَّها فى يَدِه ظُلمًا، وأنا أُطالبُه برَدِّها علىَّ. وإن ادَّعَى عليه أنَّ هذه الدارَ لى، وأنَّه يَمْنَعُنِى منها، صحَّتِ الدَّعْوَى وإنْ لم يَقُلْ إنَّها فى يَدِه؛ لأنَّه يجوزُ أن يُنازِعَه ويَمْنعَه وإن لم تَكُنْ فى يَدِه. وإن ادَّعَى جِراحَةً لها أرْشٌ مَعْلومٌ، كالمُوضِحَةِ من الحرِّ، جازَ أن يدَّعِىَ الْجِراحةَ ولا يذكرَ أرْشَها؛ لأنَّه معلومٌ. وإن كانت مِن عبدٍ، أو كانت مِن حرٍّ لا مُقدَّرَ فيها، فلابُدَّ مِن ذِكْرِ أرْشِها. وإن ادَّعَى على أبيه دَيْنًا، لم تُسْمَعِ الدَّعوَى حتى يَدَّعِىَ أنَّ أباه ماتَ، وتركَ فى [يَدِ ولدِه] (٤٢) مالًا؛ لأنَّ الولدَ لا يَلْزَمُه قضاءُ دينِ والدِه ما لم يَكُنْ كذلك. ويَحْتاجُ أن يَذْكُرَ تَرِكَةَ أبيه، ويُحرِّرَها، ويذكُرَ قَدْرَها، كما يَصْنَعُ فى قَدرِ الدَّينِ. هكذا ذكرَه القاضى. والصَّحيحُ أنَّه يحْتاجُ إلى ذِكرِ ثلاثةِ أشياء؛ تَحرير دَيْنِه، ومَوت أبيه، وأنَّه وَصلَ إليه مِن تَرِكةِ أبيه ما فيه وَفاءٌ لدَيْنِه. وإنْ قالَ: ما فيه وفاءٌ لبعضِ دَيْنِه. احْتاجَ أن يَذْكُرَ ذلك القَدْرَ. والقولُ قولُ المُدَّعَى عليه، فى نَفْىِ تَرِكةِ الأبِ مع يَمِينِه. وإن أنْكَرَ مَوْتَ أبيه، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، ويَكْفِيه أن يحْلِفَ على نَفْى العِلمِ؛ لأنَّه على نَفْى فعلِ الغيرِ، وقد يَموتُ ولا يَعْلمُ به ابنُه، ويَكْفيه أن يحْلِفَ أنَّه (٤٣) ما وصلَ إليه مِن تَرِكةِ أبيه ما فيه وفاءٌ بحَقِّه (٤٤)، ولا شىءٌ منه، ولا يَلْزَمُه أن يحْلِفَ أنَّ أباهُ لم يُخَلِّفْ شيئا؛ لأنَّه قد


(٤١) فى م: "وضعه".
(٤٢) فى م: "يده".
(٤٣) فى م: "أن".
(٤٤) فى ب، م: "حقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>