للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُغَنِّيَةً ثلاثين ألفًا، وتُساوى ساذَجَةً عِشرين دينارًا. قال: لا تُباعُ إِلَّا على أنَّها ساذَجَةٌ. واحتجُّوا على تَحْريمِه بما رُوِىَ عن ابنِ الحَنفِيَّةِ فى قولِه تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (٨٠). قال: الغِناءُ. وقالَ ابنُ عبَّاسٍ، وابنُ مسعودٍ، فى قولِه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ} (٨١). قال: هو الغِناءُ (٨٢). وعن أبى أُمامةَ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن شِراءِ المُغَنِّياتِ، وبَيْعِهنَّ، والتِّجارَةِ فيهنَّ، وأكْلُ أثْمانِهنِ حَرامٌ. أخْرَجَه التِّرْمِذِىُّ (٨٣)، وقال: لا نَعْرفُه إِلَّا (٨٤) مِن حديثِ علىِّ بنِ يَزِيدَ، وقد (٨٥) تكلَّمَ فيه أهلُ العِلْمِ. ورَوَى ابنُ مَسعودٍ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِى الْقَلْبِ" (٨٦). والصَّحيحُ أنَّه مِن قَوْلِ ابنِ مسعودٍ. وعلى كلِّ حالٍ، مَن اتَّخذَ الغِناءَ صِناعةً، يُؤتَى له، ويَأْتِى له، أو اتَّخذَ غُلامًا أو جاريِةً مُغَنِّيَيْنِ، يَجْمَعُ عليهما الناسَ، فلا شَهادةَ له؛ لأنَّ هذا عندَ مَن لم يُحَرِّمْه سَفَهٌ ودَناءةٌ وسُقوطُ مُروءَةٍ، ومَن حَرَّمَه فهو مع سَفَهِه عاصٍ. مُصِرٌّ مُتظاهِرٌ بفُسوقِه. وبهذا قال الشَّافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وإن كان لا يَنْسِبُ نفسَه إلى الغِناءِ، وإنَّما يَتَرنَّمُ لنَفسِه، ولا يُغَنِّى النَّاسَ، أو كانَ غُلامُه وَجَارِيَتُهُ إنَّما يُغَنِّيانِ له، انْبَنَى هذا على الخلافِ فيه. فمَن أباحَه أو كَرِهَه، لم تُرَدَّ شهادتُه، ومَن حرَّمَهُ، قال: إن داوَمَ (٨٧) عليه، رُدَّت شهادتُه، كسائرِ الصَّغائرِ، وإن لم يُداوِمْ عَلَيْهِ، لم تُرَدَّ شَهادتُه. وإِنْ فعله مَن يَعْتقِدُ حِلَّه، فقِياسُ المذهبِ أنَّه لا تُرَدُّ شهادتُه بما لا يشْتهرُ به منه، كسائرِ المُخْتلَفِ فيه مِن الفُروعِ. ومَن كان يَغْشَى بُيوتَ الغِناءِ، أو يَغْشَاهُ الْمُغَنُّونَ للسَّماعِ (٨٨)، مُتَظاهِرًا بذلك، وكَثُرَ منه، رُدَّت شَهادتُه، فى قولِهم جميعًا؛ لأَنَّه سَفهٌ ودَناءَةٌ. وإن كان


(٨٠) سورة الحج ٣٠.
(٨١) سورة لقمان ٦.
(٨٢) أخرجه الطبرى، فى: تفسير الآية. تفسير الطبرى ٢١/ ٦١.
(٨٣) فى: باب ما جاء فى كراهية بيع المغنيات، من كتاب البيوع. عارضة الأحوذى.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب ما لا يحل بيعه، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٣٣.
(٨٤) سقط من: الأصل.
(٨٥) فى م: "وقال".
(٨٦) أخرجه أبو داود، فى: باب كراهية الغناء والزمر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود ٢/ ٥٧٩.
(٨٧) فى الأصل: "دام".
(٨٨) فى أ: "للاستماع".

<<  <  ج: ص:  >  >>