للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلَزِمَهما عِوضُه، وهو مهرُ المِثْلِ. وفى القولِ الآخَرِ، يَلْزمُهما (٥) نصفُ مَهْرِ المِثْلِ؛ لأنَّه إنَّما ملَكَ نِصْفَ البُضْعِ، بدليل أنَّه إنَّما يجبُ عليه نِصْفُ المَهْرِ. ولَنا، أَنَّ خُروجَ البُضْعِ من مِلْكِ الزَّوجِ غيرُ مُتقَوَّمٍ؛ بدليلِ ما لو أخْرجَتْه من مِلْكِه برِدَّتِها، أو إسْلامِها، أو قَتْلِها نفسَها، فإنَّها لا تَضْمَنُ شيئًا. ولو فَسَخَت نكاحَها قبلَ الدُّخولِ، برَضاعِ مَن يَنْفَسِخُ به نِكاحُها، لم يَغْرَمْ شيئًا، وإنَّما يجبُ (٦) عليهما (٧) نصفُ المُسَمَّى؛ لأنَّهما ألزْمَاه للزَّوجِ بشهادتِهما، وقَررَّاهُ عليه، [فرجَعَ عنيهما] (٨)، كما يَرْجِعُ به على من فَسَخ نِكاحَه برَضاع أو غيرِه. وقولُه: إنَّه ملكَ نِصْفَ البُضْعِ. غيرُ صحيحٍ؛ فإِنَّ البُضْعَ لا يجوزُ تَمْليكُ (٩) نِصْفِه، ولأنَّ العَقْدَ ورَدَ على جميعِه، والصَّداقَ واجبٌ جميعُه، ولهذا تَمْلِكُه المرأةُ إذا قَبَضتْه، ونَماؤُه لها، وتَمْلِكُ طَلَبَه إذا لم تَقْبِضْه، وإنَّما يَسْقُطُ نِصْفُه بالطلاقِ. وأمَّا إن كان الحُكْم بالفُرْقةِ بعدَ الدُّخولِ، فلا ضَمانَ عليهما. وبه قال أبو حنيفةَ. [وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، عليهما ضَمانُ المُسَمَّى فى الصَّداقِ؛ لأنَّهما فَوَّتا عليه نِكاحًا وجَبَ عليه به عِوَضٌ، فكانَ عليهما ضَمانُ ما وجَبَ به، كما لو شَهِدَا بذلك قبلَ الدُّخولِ] (١٠). وقال الشافعىُّ: يَلَزْمُهما له مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّهما أتْلَفا البُضْعَ عليه. وقد سبقَ الكلامُ معه فى هذا، ولا يصِحُّ القياسُ على ما قبلَ الدُّخولِ؛ لأنَّهما قَرَّرَا عليه نِصْفَ المُسَمَّى، وكان بعَرَض (١١) السُّقوطِ، وههُنا قد تقَرَّر المهْر كلُّه (١٢) بالدُّخولِ، فلم يُقَرِّرَا عليه شيئًا ولم يُخْرِجا عن (١٣) مِلْكِه مُتَقوَّمًا، فأشْبَهَ ما لو أخْرَجاه من مِلْكِه بقَتْلِها، أو أخرَجتْه هى برِدَّتِها.


(٥) فى ب، م: "لزمهما".
(٦) فى م: "وجب".
(٧) سقط من: أ.
(٨) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٩) فى أ: "أن يملك".
(١٠) ورد هذا فى الأصل، بعد قوله: "وبهذا قال أبو حنيفة". السابق فى أول الفصل.
(١١) فى ب: "يعوض". وفى م: "يعرض".
(١٢) سقط من: م.
(١٣) فى أ، ب، م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>