للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّنَى قائمةٌ، فَدَمُه غيرُ مَحْقُونٍ. وإن رجعَ ثلاثةٌ، فعليهم رُبْعُ الدِّيَةِ. وإن رجَعَ أربعةٌ، فعليهم نِصْفُ الدِّيَةِ. وإن رجعَ خمسةٌ، فعليهم ثلاثةُ أرباعِها. وإن رجَعَ السِّتَّةُ، فعلى كلِّ واحدٍ منهم سُدسُها. ومَنْصوصُ الشَّافعىِّ فيما إذا رجَعَ اثْنان، كمذهبِ أبى حنيفةَ. واخْتلَفَ أصحابُه فيما إذا شَهِدَ بالقِصاصِ ثلاثةٌ، فرجَعَ أحدُهم، فقال أبو إسحاقَ (١٨): لا قِصاصَ عليه؛ لأنَّ بَيِّنَةَ القِصاص قائمةٌ، وهل يجبُ عليه ثُلثُ الدِّيَةِ؟ على وَجْهَين. وقال ابنُ الحَدَّادِ (١٩): عليه القِصاصُ. وفرَّقَ بينَه وبينَ الرَّاجعِ مِن شُهودِ الزِّنَى إذا كان زائدًا، بأنَّ (٢٠) دمَ المشْهودِ عليه بالزِّنَى غيرُ مَحْقُونٍ، وهذا دمُه مَحْقونٌ. وإنَّما أُبِيحَ دَمُه لولىِّ القِصاص وحْدَه. واخْتلَفوا فيما إذا شَهِدَ بالمالِ ثلاثةٌ، فرجعَ أحدُهم، على وَجْهَين؛ أحدُهما، يَضْمنُ الثُّلثَ. والثانى، لا شىءَ عليه. ولَنا، أَنَّ الإِتْلافَ حصَلَ بشَهادتِهم، فالرَّاجعُ مُقِرٌّ بالمُشاركةِ فيه عَمْدًا عُدْوانًا لمَن هو مِثْلُه فى ذلك، فلَزِمَه القِصاصُ، كما لو أَقَرَّ بمُشاركتِهم فى مُباشرةِ قَتْلِه، ولأنه أحدُ مَن قُتِلَ المشْهودُ عليه بشَهادتِه، فأشْبَهَ الثَّانىَ مِن شُهودِ القِصاصِ، والرابعَ من شُهودِ الزِّنَى، ولأنَّه أحدُ مَن حصَلَ الإتْلافُ بشَهادتِه، فلَزِمَه مِن الضَّمانِ بقِسْطِه، كما لو رجَعَ الجميعُ، ولأنَّ ما تضمَّنَه كلُّ واحدٍ مع اتِّفاقِهم على الرُّجوعِ، يَضْمَنُه إذا انْفَرَدَ بالرُّجوعِ، كما لو كانوا أربعةً. وقولُهم: إِنَّ دَمه غيرُ مَحْقونٍ. غيرُ صَحيحٍ، فإِنَّ الكلامَ فيما إذا قُتِلَ، ولم يَبْقَ له دمٌ يُوصَفُ بحَقنٍ ولا عَدَمِه، وقيامُ الشَّهادةِ لا يَمْنَعُ وجوبَ القِصاصِ، كما لو شَهِدَتْ لرجلٍ باسْتِحْقاقِ القِصاصِ، فاسْتَوْفاهُ، ثم أقر بأنَّه قَتَلَه ظُلْمًا، وأنَّ الشُّهودَ [شُهودُ زُورٍ] (٢١). والتَّفْريقُ بينَ القِصاصِ والرَّجْمِ بكَوْنِ دمِ القاتلِ غيرَ مَحْقُونٍ، لا يَصِحُّ؛ لأنَّه غيرُ مَحْقُونٍ بالنِّسْبةِ إلى مَن قتلَه، ولأنَّ كلَّ واحدٍ مُؤاخَذٌ بإقْرارِه. ولا يُعْتبَرُ قولُ شرَيكِه، ولهذا لو أقَرَّ


(١٨) أى: الشيرازى، إبراهيم بن على بن يوسف، أحد كبار الفقهاء الشافعية، وصاحب التصانيف، توفى سنة ست وسبعين وأربعمائة. طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٢١٥ - ٢٥٦.
(١٩) أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد، ابن الحداد، المصرى، الشافعى الإمام، توفى سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. طبقات الشافعية الكبرى ٣/ ٧٩ - ٩٨.
(٢٠) فى الأصل، أ، م: "فإن".
(٢١) فى ب، م: "شهدوا بالزور".

<<  <  ج: ص:  >  >>