للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحِدٍ منهما دَاخِلٌ فى نِصْفِ العَيْنِ، خَارِجٌ عن (٣) نِصْفِها، فتُقدَّمُ بَيِّنَةُ كلِّ وَاحِدٍ منهما فيما فى يَده عندَ مَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ، وفيما فى يَد صَاحِبِه عندَ مَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةِ الخَارِجِ، فيسْتَوِيان على كُلِّ وَاحِدٍ من القَولَيْن. وذَكَرَ أبو الخَطَّاب فيها، رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّه يُقْرَعُ بينهما، فمَنْ خرَجَتْ قُرْعَتُه (٤)، حلفَ أنَّها له (٥)، لا حَقَّ للآخَرِ فيها، وكانتِ العَيْنُ (٦) له، كما لو كَانتْ فى يَد غيْرِهما. والأَوَّلُ أصَحُّ؛ للخَبرِ والمَعْنَى. واخْتلَفَتِ الرِّوَايةِ، هل يحْلِفُ كُلُّ واحِدٍ منهما على النِّصْفِ المَحْكُوم له به، أو يكونُ له من غيرِ يَمين؟ فرُوِىَ أنَّه يَحْلِفُ، وهذا (٧) الذى (٥) ذَكَرَ (٨) الْخِرَقِىُّ؛ لأنَّ البَيِّنَتَيْنِ لمَّا لم تَعَارَضَتَا من غيرِ ترْجِيحٍ، وجَبَ إسْقَاطُهما (٩)، كالخَبَرَيْن إذا تَعَارَضَا وتَسَاوَيا، وإذا سَقَطَا صارَ المُخْتَلِفَان كمَنْ لا بَيِّنَةَ لهما، ويحْلِفُ كلُّ واحِدٍ منهما على النِّصْفِ المَحْكُومِ له به. وهذا أحَدُ قَوْلَى الشَّافِعِىِّ؛ بِناءً على أَنَّ اليَمِينَ تَجِبُ على الدَّاخِلِ مع بَيِّنَتِه، وكُلُّ واحِدٍ منهما دَاخِلٌ فى نِصْفِها، فيُحْكَمُ له به ببيِّنَتِه، ويحْلِفُ معها، فى أحَدِ القَوليْن. والرِّوَايَةُ الأُخْرَى، أَنَّ العيْنَ تُقْسَمُ بينَهما من غيرِ يَمِينٍ. وهو قَوْلُ مالِكٍ، وأبى حنيفة، وأحدُ قَوْلَى الشَّافِعِىّ. وهو أصَحُّ، للخَبَرِ والمَعْنَى الذى ذَكَرْناه. ولا يَصِحُّ قياسُ هَاتَيْن البَيِّنَتَيْن على الخَبَرَيْن المُتَسَاوِيَيْن؛ لأنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ رَاجِحَةٌ فى نِصْفِ العَيْن، على كُلِّ وَاحِدٍ من القَوْلَيْن. وقد ذَكَرْنا أَنَّ البَيِّنَةَ الرَّاجِحَةَ يُحْكَمُ بها من غيرِ حَاجَةٍ إلى يَمِينٍ. فأمَّا إِنْ شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْن بأنَّ العَيْنَ لهذا، وشَهِدَتِ الأُخْرَى بأنَّها (١٠) لهذا الآخَرِ، نُتِجَتْ فى مِلْكِه، فقد ذَكَرْنَا فى التَّرْجِيحِ بهذا رِوَايَتَيْن؛ إحْداهما، لا تَرْجُحُ به (١١). وهو اخْتِيارُ الْخِرَقِىِّ؛


(٣) فى الأصل، أ: "فى".
(٤) فى ب: "له القرعة".
(٥) سقط من: أ، ب، م.
(٦) فى م: "اليمين".
(٧) فى أ: "وهو".
(٨) فى م: "ذكره".
(٩) فى م: "إسقاطها".
(١٠) فى م: "أنها".
(١١) فى الأصل: "ترجيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>