للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لى ولابْنِى، ثمَّ ماتَ ابْنِى فصار ميراثُه لى. وقال أخُوها: ماتَ ابْنُها أوَّلًا، فَوَرِثَتْ ثُلثَ مالِه، ثم ماتَت، فَكانَ مِيراثُها بَيْنِى وبَيْنَكَ نِصْفَيْنِ. حَلَفَ كُلُّ واحِدٍ منهما على إبْطالِ دَعْوَى صاحِبِه، وجَعَلْنا مِيراثَ كلِّ واحدٍ منهما للأحْياءِ مِن وَرَثَتِه، دُونَ مَنْ مات مَعَه؛ لأنَّ سَبَبَ اسْتِحْقاقِ الحىِّ من مَوْرُوثِه مَوجُودٌ، وإنَّما يَمْتَنِعُ لبقاءِ (١) مَورُوثِ الآخَرِ بعدَه، وهذا أمْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فلا نَزُولُ عن اليَقِينِ بالشَّكِّ، فيكونُ مِيراثُ الابْنِ لأبِيه، لا مُشَارِكَ له فيه، ومِيراثُ الْمَرْأَةِ بينَ أخِيها وزَوْجِها نِصْفَيْنِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. فإنْ قِيلَ: فقد أعْطَيتُم الزَّوجَ النِّصْفَ (٢)، وهو لا يَدَّعِى إِلَّا الرُّبْعَ. قُلْنا: بل هو مُدَّعٍ له كلِّه؛ رُبْعِه بمِيرَاثِهِ منها، وثلاثةِ أَرْباعِهِ بإِرْثِه مِن ابنِه. قال أبو بَكْرٍ: وقدْ ثبَتَتِ البُنُوَّةُ بيقينٍ، فلا يُقْطعُ ميراثُ الأَبِ منه إلا بِبَيِّنَةٍ تقُومُ لِلْأَخِ. وهذا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ الْخِرَقِىِّ فى هذه المسْأَلةِ. وذَكَرَ قَوْلًا آخَرَ، أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ المِيراثَ بينَهما نِصْفَيْنِ. قال: وهذا اخْتِيارِى أَنَّ كلَّ رَجُلَينِ ادَّعَيا ما لا يُمْكِنُ صِدْقُهما فِيهِ، فهو بينَهما نِصْفينِ. وَهذا لَا يُدْرَى ما أرادَ به، إِنْ أرادَ أنَّ مالَ المراة بينَهما نِصْفَيْن، فهو قولُ الْخِرَقىِّ، وليس بِقولٍ آخرَ، وإِنْ أرادَ أنَّ مالَها ومالَ (٣) الابْنِ بينَهما نِصْفَين، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى إعْطاءِ الأَخِ مالا يَدَّعِيه، ولَا يَسْتَحقُّه لقينًا؛ لأنَّه لا يَدَّعِى من مالِ الابْنِ أكثرَ من سُدسِه، ولا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أكثرَ مِنه، وإِنْ أرادَ أن ثُلثَ مالِ الابْنِ يُضَمُّ إلى مالِ المرأةِ، فيَقْتَسِمانِه نِصْفَيْنِ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ نِصفَ ذلك للزَّوجِ باتِّفاقٍ منهما، لا يُنازِعُه الأخُ فيه، وإنَّما النِّزَاعُ بينهما فى نِصْفِه. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكون هذا مُرادَه (٤)، كما لو تَنازَعَ رجلانِ دارًا فى أيْدِيهما، فادَّعاها أحدُهما كُلَّها، وادَّعَى الآخَرُ نِصْفَها، فإِنَّها تُقْسَمُ بينهما نِصْفَيْنِ، وتكونُ اليَمِينُ على مُدَّعِى النِّصْفِ، إِلَّا أنَّ الفَرْقَ بينَ هذه المسْأَلَةِ وتلك، أن الدَّارَ فى أيْدِيهما، فكُلُّ واحدٍ منهما فى يَده نِصْفُها، فمُدَّعِى النِّصْف يدَّعِيه وهو (٥) فى يَدِه، فقُبِلَ قولُه فيه مع يَمِينِه، وفى مسألَتِنَا


(١) فى ب: "إبقاء".
(٢) فى م: "نصف ميراث المرأة".
(٣) فى ب: "أو مال".
(٤) فى م زيادة: "كما لو تنازع الأخ فيه، وإنما النزاع بينهما خفى".
(٥) فى ب، م: "وهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>