للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّجُلِ أفضلُ من إعْتاقِ المرأةِ؛ لما رَوَى كَعْبُ بن مُرَّة البَهْزِىّ، قال: سمعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقول: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا، كانَ فِكَاكَهُ مِنَ النَّار، يُجْزَى بكلِّ عَظْمٍ من عظامِهِ عَظْمًا من عظامِهِ، وأيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أعْتَقَ امرَأتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ، كانتا فِكاكَهُ مِنَ النَّارِ، يُجْزَى بِكُلِّ عَظْمٍ من عِظامِهِمَا عَظْمًا مِنْ عِظامِهِ، وأيُّمَا امرأةٍ مُسْلِمَةٍ أعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً، كانَتْ فِكاكَهَا من النَّارِ، تُجْزَى بكُلِّ عَظْمٍ من عِظامِها عَظْمًا من عِظامِها" (٧). والمُسْتَحَبُّ عِتْقُ مَنْ له دِينٌ وكسْبٌ يَنْتَفِعُ بالعِتْقِ، فأمّا من يتضرَّرُ بالعِتْقِ، كمَنْ لا كَسْبَ له، تسْقُطُ نفقَتُهُ عن سيِّدِهِ بإعْتاقِه (٨)، فيَضيعُ، أو يصيرُ كَلًّا على النَّاسِ، ويحْتاجُ إلى المسْأَلَةِ، فلا يُسْتَحَبُّ عِتْقُه. وإن كان ممَّنْ يُخَافُ عليه المُضِىُّ إلى دار الحَرْبِ، والرُّجوعُ عن دِينِ (٩) الإِسْلامِ، أو يُخافُ عليه الفَسادُ، كعَبْدٍ يُخافُ أنَّه إذا أُعْتِقَ واحْتاجَ سَرَقَ، وفسقَ، وقطَعَ الطرَّيقَ، أو جارِيَةٍ يُخافُ منها الزِّنَى والفسادُ، كُرِهَ إعْتاقُهُ. وإن غَلَبَ على الظَّنِّ إفْضاؤُهُ إلى هذا، كان مُحَرَّمًا؛ لِأَنَّ التَّوَسُّلَ إلى الحرامِ حرامٌ. وإن أَعْتَقَهُ صَحَّ؛ لأَنَّهُ إعْتاقٌ صَدَرَ من أهْلِهِ فى مَحلِّهِ، فصَحَّ، كإعْتاقِ غيرِه.

فصل: ويحْصُلُ العِتْقُ بالقَوْلِ، والمِلْكِ، والاسْتِيلادِ (١٠). ونذكُرُ ذلك فى مواضِعِهِ إن شاء اللَّه تعالى. ولا يحْصُلُ بالنِّيَّةِ المُجرَّدَةِ؛ [لِأَنَّهُ إزالةُ مِلْكٍ، فلا يحْصُلُ بالنِّيَّةِ المجرَّدة] (١١)، كسائِرِ الإزالَةِ. وألْفاظُهُ تنْقسِمُ إلى صرِيحٍ وكنايةٍ؛ فالصَّريحُ لفظُ الحُرِّيَّةِ، والعِتْقِ، وما تصرَّفَ منهما، نحو: أنت حُر، أو محرَّرٌ، أو عَتيقٌ، أو مُعْتَقٌ، أو أَعْتَقْتُكَ. لأنَّ هذين اللَّفْظَيْنِ ورَدا فى الكتابِ والسُّنَّةِ، وهما يُسْتَعمَلانِ فى العِتْقِ عُرْفًا، فكانا صَرِيحَيْنِ فيه، فمتى أتَى بشَىْءٍ من هذه الألفاظِ، حصَلَ به العِتْقُ، وإن لم يَنْوِ شَيْئًا، عَتَقَ أيضًا. قال أحمدُ، فى رجُلٍ لقِىَ امرأةً فى الطريقِ، فقال: تَنَحَّىْ يا حُرَّةُ. فإذا


(٧) أخرجه أبو داود، فى: باب أى الرقاب أفضل، من كتاب العتق. سنن أبى داود ٢/ ٣٥٤، ٣٥٥. وابن ماجه، فى: باب العتق، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٤٣. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٢٣٥، ٣٢١.
(٨) سقط من: م.
(٩) فى أ: "دار".
(١٠) فى الأصل: "والإسلام".
(١١) سقط من: أ. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>