للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى نِصْفِ قِيمَتِهِ، ثُمَّ أيْسَرَ مُعْتِقُهُ، رَجَعَ عليه بنِصْفِ القِيمَةِ؛ لأنَّهُ هو أَلْجَأَهُ إلى هذا، وكَلَّفَه إيَّاهُ. وعن أبى يوسف، ومحمدٍ، أنَّهما قالا: يَعْتِقُ جَميعُه، وتكُونُ قِيمَةُ نَصيبِ الشَّريكِ فى ذِمَّتِهِ؛ لأَنَّ العِتْقَ لا يَتَبَعَّضُ (٧)، فإِذا وُجِدَ فى البَعْضِ سَرَى إلى جَميعِه، كالطَّلاقِ، ويَلْزَمُ المُعْتِقَ القِيمَةُ؛ لِأنَّه الْمُتْلِفُ لنَصيبِ صاحِبِهِ بإِعْتاقِه، فوَجَبَتْ قيمَتُه فى ذِمَّتِهِ، كما لو أتْلَفَهُ (٨) بقَتْلِهِ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَسْرِى العِتْقُ، وإِنَّما يُسْتَحَقُّ بِهِ إِعْتاقُ النَّصيبِ الباقِى، فيَتَخَيَّرُ شَريكُه بين إِعْتاقِ نَصيبِهِ، ويكونُ الوَلاءُ بينَهما، وبينَ أن يُسْتَسْعَى العبدُ فى قِيمَةِ نَصيبِهِ، فإِذا أَدَّاهُ إليه عَتَقَ، وَالوَلاءُ بَيْنَهما. ولَنا، حَدِيثُ ابنِ عمرَ، وهو حَديثٌ صَحيحٌ ثابتٌ عندَ جَميع العُلَماءِ بالحَديثِ، ولأنَّ الاسْتِسْعاءَ إِعْتاقٌ بعِوَضٍ، فلم يُجْبَرْ عليه، كالكِتابَةِ، ولِأَنّ فى الاسْتِسْعاءِ إضْرارًا بالشَّريكِ والعَبْدِ؛ أمَّا الشَّريكُ فإنَّا نُحيلُه على سِعايَةٍ لعلَّه لا يَحْصُلُ منها شىءٌ أصْلًا، وَإِنْ حَصَلَ فرُبَّما يَكونُ يَسيرًا مُتَفَرِّقًا، ويَفُوتُ عليه مِلْكُه، وأمَّا العَبْدُ، فإنَّا نُجْبرُهُ على سِعايَةٍ لم يُرِدْها، وكَسْبٍ لم يَخْتَرْهُ، وهذا ضَرَرٌ فى حَقِّهما، وقد قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا ضَرَرَ وَلا إِضْرَارَ" (٩). قال سُليمانُ بنُ حَرْبٍ: أليس إِنَّما أُلْزِمَ المُعْتِقُ ثَمَنَ ما بَقِىَ مِنَ العَبْدِ، لِئَلَّا يَدْخُلَ علَى شَريكِهِ ضَرَرٌ، فإِذا أمَرُوهُ (١٠) بالسَّعْىِ، وِإعْطائِه كُلَّ شهرٍ دِرْهَمَيْنِ، ولم يَقْدِرْ على تَمَلُّكِهِ، فأَىُّ ضَرَرٍ أَعْظَمُ مِنْ هذا! فَأَمَّا حَديثُ الاسْتِسْعَاءِ، فقال الأَثْرَمُ: ذَكَرَهُ سليمانُ بنُ حَرْبٍ، فطَعَنَ فيه، وضَعَّفَهُ. وقال أبو عبدِ اللَّه: ليس فى الاسْتِسْعاءِ يَثْبُتُ (١١) عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ حَديثُ أبى هُرَيْرَةَ يَرْويهِ ابنُ أبى عَرُوبَةَ (١٢). وأمَّا شُعْبَةُ، وهِشامٌ الدَّسْتُوائِىُّ. فلم يَذْكُراهُ (١٣). وحدَّثَ به مَعْمَرٌ، ولم يَذْكُرْ فيه السِّعايَةَ. قال أبو داوُدَ: وهَمَّامٌ أيضًا لا


= كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب من أعتق شركا له فى عبد، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٤٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٥٥، ٤٢٦، ٤٧٢.
(٧) فى الأصل: "ينتقض".
(٨) فى الأصل: "أتلف".
(٩) فى م: "ضمار". وتقدم تخريجه، فى: ٤/ ١٤٠.
(١٠) فى ب، م: "أمره".
(١١) فى أ، ب، م: "ثبت". وما فى الأصل معناه: شىء يثبت.
(١٢) فى أ، ب، م: "عروة".
(١٣) فى الأصل، أ، ب: "يذكره".

<<  <  ج: ص:  >  >>