للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِما، وَضَمِنَا حَقَّ شَريكِهِما فيهِ نِصْفَيْنِ، وَكانَ وَلاؤُهُ بَيْنَهُمَا أثْلاثًا؛ لِصاحِبِ النِّصْفِ ثُلثَاه، ولِصاحِب السُّدُسِ ثُلثُهُ)

وَجُمْلَتُه أَنَّ الْعَبْدَ إذا كان مُشْتَرَكًا بينَ جَماعَةٍ، فأعْتَقَ اثْنانِ منهم أو أكْثَرُ، وهم مُوسِرون، سَرَى عِتْقُهم إلى باقِى الْعَبْدِ، ويكونُ الضَّمانُ بينهم على عَدَدِ رُءوسِهم، يَتَساوونَ فى ضَمانِه ووَلائِه. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ بينَهم على قَدْرِ أمْلاكِهم. وهو قَوْلُ مالِكٍ فى إِحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عنه؛ لِأنَّ السِّرايَةَ حصَلَتْ بإِعْتاقِ مِلْكَيْهِما (٢)، ومَا وَجَبَ بِسَبَبِ المِلْكِ كان على قَدْرِه، كالنَّفَقَةِ، واسْتِحْقاقِ الشُّفْعَةِ. ولَنا، أَنَّ عِتْقَ النَّصِيبِ إِتْلافٌ لِرِقِّ الباقِى، وقد اشْتَرَكا فيه، فَيَتَساوَيانِ فى الضَّمانِ، كما لو جَرَحَ أحَدُهما جُرْجًا، وَالآخَرُ جُرْحَيْنِ، فمات مِنهما، أو أَلْقَى أَحَدُهما جُزْءًا مِنَ النَّجاسَةِ فى مائِعٍ، وَألْقَى الآخَرُ جُزْءَيْنِ. ويُفارِقُ الشُّفْعَةَ، فإِنَّها تثْبُتُ لإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَن نَصيبِ. الذى لم يَبعْ، فكان اسْتِحْقاقُه على قَدْرِ نَصيبِهِ، ولأنَّ الضَّمانَ ههُنا لِدَفْعِ (٣) الضَّرَرِ منهما، وفى الشُّفْعَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عنهما، والضَّرَرِ منهما يَسْتَوِيانِ فى إِدْخَالِهِ على الشَّرِيكِ، وفى الشُّفْعَةِ ضَررُ صا حِبِ النِّصْفِ أعْظَمُ مِن ضَرَرِ صَاحِبِ السُّدسِ فَاخْتَلَفَا. وإِذا ثَبَتَ هذا، كان وَلَاؤُه بينهما أَثْلاثًا؛ لأَنَّنا إِذَا حَكَمْنَا بِأَنَّ الثُّلثَ مُعْتَقٌ عليهما نِصْفَيْن، فنِصْفُ الثُّلثِ سُدسٌ، إِذَا ضَمَمْنَاه إلى النِّصْفِ الذى لأحَدِهما (٤)، صار ثُلثَيْنِ، وإذا ضَمَمْنَا السُّدسَ الآخَرَ إلى سُدسِ المُعْتِقِ (٥)، صَار ثُلثًا. وعلى الْوَجْهِ الآخرِ، يَصِيرُ الوَلاءُ بينَهما أرْباعًا، لِصاحِبِ النِّصْفِ ثلاثةُ أرْباعِهِ، ولِصاحِبِ السُّدسِ رُبْعُه، والضَّمانُ بينهما كذلك. فأَمَّا قَوْلُه: فأعْتَقاه مَعًا. فَلِأنَّه شَرَطَ فى الحُكْمِ الذى ذكَرْناه اجْتِماعَهما فى العِتْقِ، بحيثُ لا يَسْبِقُ أحدُهما الآخَرَ، بأَنْ يَتَلَفَّظَا به مَعًا، أَو يُوكِّلَ أحَدُهما صاحِبَه فيَعْتِقَهما مَعًا، أو يُوكِّلا وَكيلًا فَيَعْتِقَهما، أو يُعَلِّقا عِتْقَه على شَرْطٍ فيُوجَدَ. فإِنْ سَبَقَ أَحَدُهما صاحِبَه، عَتَقَ عليه نَصِيبُ شَرِيكَيْهِ جَميعًا، وكان الضَّمانُ عليه، والوَلاءُ له


(٢) فى أ: "ملكهما".
(٣) فى الأصل: "كدفع".
(٤) فى الأصل: "لأحدهم".
(٥) فى الأصل: "العتق".

<<  <  ج: ص:  >  >>