للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخْبارِ السَّابقةِ ورُوِىَ عن عمر بن الخطَّاب رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: لا تجُوزُ صلاةٌ إلَّا بفاتحة الكتابِ وشىءٍ معها. فقال له رجلٌ: يا أميرَ المؤمنين، أرأيتَ إن كنتُ خَلْفَ الإِمامِ؟ فقال: اقْرأْ في نفسِك. وقال الحسنُ: اقْرأْ في كلِّ صلاةٍ بأُمِّ الكتابِ في نفسِك، خلْفَ الإِمام. ولأنَّه مُصَلٍّ لا يسمعُ القراءةَ، فوجبتْ عليه، كالمُنْفَرِدِ. ولنا قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِراءَتُهُ لَهُ قراءَةٌ". رَواهُ الحسنُ بنُ صالح، عن لبيبِ بن أبي سُلَيْم، وجابرٌ، عن أبي الزُّبَيْر، عن جابر بن عبد اللَّه، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورُوِىَ من طُرُقٍ خمسةٍ سوَى هذا، ورُوِىَ أيضًا عن ابن عمر، وابن عباس، وعلىٍّ، وعِمْران بن حُصَيْن، وأبي الدَّرْداء، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. أخْرَجَهُنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ (٤). ورواه عبدُ اللَّه بن شدَّاد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أخْرجَه الإِمامُ أحمد (٥)، وسعيد بن منصور، وغيرُهما، وأخْبارهم قد سبق جوابُها. وقولُ عمر مَحْمولٌ على الكمال؛ بدليل قولِه: وشىءٍ معها. والإِجماعُ لا يجبُ شيءٌ سوى الفاتحةِ، ولو ثبتَ أنَّه أراد الاشْتراطَ فقد خالفه كثيرٌ من الصحابةِ. ورُوِىَ عن علىّ، عليه السلام، أنَّه قال: ليس على الفِطرْةِ مَن قرأ خلفَ الإِمام. وقال ابنُ مسعود: وَدَدْتُ أنَّ مَن قرأَ خلفَ الإِمام مُلِىءَ فُوهُ تُرابًا. ولأنَّ القراءةَ لو وجبتْ عَلى المأموم لوجبتْ على المَسْبوق، كسائرِ الأرْكانِ، ولأنَّه مأمومٌ فلم يجبْ عليه القراءةُ، كحالةِ الجَهْرِ، ولا يصحُّ قياسُ المأموم على المُنْفَرِدِ؛ لأنَّ المنفردَ ليس له


= البَطِّيّ، في حديث ابن البُحْتُريّ، بإسناده عن منصور، عن موسى، عن عبد اللَّه بن شداد، قال: كان رجل يقرأ خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعل رجل يومىء إليه أن لا يقرأ، فأبَى إلا أن يقرأ، فلما قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال له الرجل: مالك تقرأ خلف الإمام؟ فقال: مالك تنهاني أن أقرأ؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان لك إمام يقرأ، فإن قراءته لك قراءةٌ". وقد ذكرنا حديث جابر: "إلا وراء الإمام". وروى الخلال، والدارقطني، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "يكفيك قراءة الإمام، خافت أو جهر". ولأن القراءة لو كانت واجبة عليه لم تسقط، كبقية أركانها". وانظر: الحاشية الآتية.
(٤) انظر: ما أخرجه الدارقطني، في: باب ذكر قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٣٢٣ - ٣٢٥، ٣٣١. وما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤٩.
(٥) تقدم في صفحة ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>