للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسلمٍ. وإن جاءنا (٥٧) بإذْنِ سَيِّدِه، فالكِتابةُ بحالِها؛ لأَنَّه لم يَقْهَرْ سَيِّدَه، فإذا دخَلَ إلينا بأمانٍ بإذْنِ سَيِّدِه، ثم سَبَى المسلمون سَيِّدَه وقُتِلَ، انْتقَلتِ الكِتابةُ إلى وَرَثَتِه، كما لو مات حَتْفَ أنْفِه، وإن مَنَّ عليه الإِمامُ، أو فَاداهُ، أو هَرَبَ، فالكِتابةُ بحالِها، وإن اسْتَرَقَّه الإِمامُ، فالمُكاتَبُ مَوْقُوفٌ، إن عَتَقَ سَيِّدُه، فالكِتابةُ بحالِها، وإن مات أو قُتِلَ، فالمُكاتَبُ للمسلمينَ، مُبْقًى على ما بَقِىَ مِن كِتابَتِه، يَعْتِقُ بأدائِه إليهم، ووَلاؤُه لهم، وإن عَجَزَ، فهو رَقِيقٌ لهم. وإِنْ أراد المُكاتَبُ الأداءَ قبلَ عِتْقِ سَيِّدِه ومَوْتِه، أدَّى إلى الحاكِم، أو إلى أمِينِه، وكان المالُ المقْبُوضُ مَوْقُوفًا، على ما ذكرْناه، ويَعْتِقُ المكاتَبُ بالأداءِ، وسَيِّدُه رَقِيقٌ، لا يَثْبُتُ له وَلاءٌ. قال أبو بكر: يكونُ الولاءُ للمسلمينَ. وقال القاضى: يكونُ مَوْقُوفًا، فإن عَتَقَ سَيِّدُه، فهو له، وإن مات على رِقِّه، فهو للمسلمينَ. وإِنْ كان اسْتِرقاقُ سَيِّدِه بعدَ عِتْقِ المُكاتَبِ، وثُبُوتِ الوَلاءِ عليه، فقال القاضى: يكونُ وَلاؤُه مَوْقوفًا، فإن عَتَقَ السَّيِّدُ، كان الولاءُ له، وإن قُتِلَ أو مات على رِقِّه، بَطَلَ الوَلاءُ؛ لأَنَّه رَقِيقٌ، لا يُورَثُ، فيَبْطلُ الوَلاءُ، لعَدَمِ مُسْتَحِقِّه. ويَنْبَغِى أن يكونَ للمسلمينَ؛ لأنَّ مالَ مَنْ لا وارِثَ له للمسلمينَ، فكذلك الوَلاءُ. واللَّهُ أعلمُ.

فصل: وإن كاتَبَ المُرْتَدُّ عبدَه، فعلى قولِ أبى بكرٍ: الكتابةُ باطلةُ؛ لأنَّ مِلْكَه زالَ برِدَّتِه. وعلى الظاهرِ من المذهبِ، كتابَتُه مَوقُوفةٌ؛ إن أسْلَم تَبَيَّنَّا أنَّها كانت صحيحةً، وإن قُتِلَ أو مات على رِدَّتِه، بَطَلَتْ. وإن أدّى فى رِدّتِه، لم يُحْكَمْ بعِتْقِه، ويكونُ مَوْقوفًا، فإن أسْلَمَ سَيِّدُه، تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الدَّفْعِ إليه وعِتْقِه، وإن قُتِلَ أو مات على رِدَّتِه، فهو باطِلٌ، والعبدُ رَقِيقٌ. وإن كاتَبَه، وهو مسلمٌ، ثم ارْتَدَّ، وحُجِرَ عليه، لم يَكُنْ للعبدِ الدَّفْعُ إليه، ويُؤَدِّى إلى الحاكمِ، ويَعْتِقُ بالأداءِ. وإن دَفَعَ إلى المُرْتَدِّ، كان مَوْقوفًا، كما ذكرْنا. وإن كاتَبَ المسلمُ عبدَه المُرْتَدَّ، صَحَّتْ كتابَتُه؛ لأَنَّه يَصِحُّ بَيْعُه، فإذا أدَّى، عَتَقَ، وإن أسْلَمَ، فهو على كِتابَتِه.

فصل: وكتابةُ المريضِ صَحِيحةٌ، فإن كان مَرَضُ المَوْتِ الْمَخُوفُ، اعْتُبِرَ مِن ثُلثِه؛ لأَنَّه بَيْعُ مالِه بمالِه، فجَرَى مَجْرَى الهِبَةِ، كذلك يَثْبُتُ (٥٨) الوَلَاءُ على المُكاتَبِ؛


(٥٧) فى الأصل، أ، ب: "جاء".
(٥٨) فى الأصل: "ثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>