للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالقِنِّ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَبْدَأُ بأدَاءِ الجِنايةِ قبلَ الكِتابةِ، سَواءٌ حَلَّ عليه نَجْمٌ أو لم يَحِلَّ. وهذا المَنْصُوصُ عليه عن أحمدَ، والمَعْمُولُ به فى المذهبِ. وذكر أبو بكرٍ قولًا آخرَ، أَنَّ السَّيِّدَ يُشارِكُ وَلِىَّ الجِنايةِ، فيَضْرِبُ بقَدْرِ ما حَلَّ من نُجُومِ كِتابَتِه؛ لأنَّهما دَيْنانِ، فيتَحاصَّان، كسائرِ الدُّيُونِ. ولَنا، أَنَّ أرْشَ الجِنَايةِ من العبدِ يُقَدَّمُ على سائرِ الحُقُوق المُتَعَلِّقَةِ به، ولذلك قُدِّمَتْ على حَقِّ المالكِ، وحَقِّ المُرْتَهِنِ، وغيرهما، فوَجَبَ أن يُقَدَّمَ ههُنا، يُحَقِّقُه أَنَّ أرْشَ جِنايَتِه مُقَدَّمٌ (٢) على مِلْكِ السِّيِّدِ فى عَبْدِه، فيَجِبُ تقديمُه (٣) على عِوَضِه، وهو مالُ الكِتابةِ، بطرَيقِ الأَوْلَى؛ لأنَّ المِلْكَ فيه قبلَ الكِتابةِ كان مُسْتَقِرًّا، ودَيْنَ الكتابةِ غيرُ مُسْتَقِرٍّ، فإذا قُدِّمَ على المُسْتَقِرِّ، فعلى غيرِه أوْلَى، ولأنَّ (٤) أرْشَ الجِنايةِ مُسْتقِرٌّ، فيَجبُ تقْديمُه على الكِتابةِ التى ليست مُسْتَقِرَّةً. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَفْدِى نَفْسَه بأقَلِّ الأَمْرَيْنِ؛ من قِيمَتِه، أو أرْشِ جِنايَتِه؛ لأَنَّه إن كان أرْشُ الجنايةِ أقَلَّ، فلا يَلْزَمُه أكثرُ من مُوجَبِ جِنايَتِه، وهو أرْشُها. وإن كان أكثرَ، لم يكُنْ عليه أكثرُ من قِيمَتِه؛ لأَنَّه لا يَلْزَمُه أكثرُ من بَدَلِ المَحَلِّ الذى تعَلَّقَ به الأرْشُ. فإن بدَأَ بدَفْعِ المالِ إلى وَلىِّ الجِنايةِ، فوَفَّى بما يَلْزَمُه من أرْشِ الجِنايةِ، وإلَّا باعَ الحاكِمُ منه بما بَقِىَ مِن أرْشِ الجنايةِ، وباقِيه باقٍ على كِتابَتِه. وإن اختارَ الفَسْخَ، فله ذلك، ويَعُودُ عبدًا غيرَ مكاتَبٍ، مُشْتَرَكا بين السّيِّدِ وبينَ المُشْتَرِى. وإِنْ أبْقَاه على الكِتابةِ فأدَّى، عَتَقَ بالكِتابةِ، وسَرَى العِتْقُ إلى باقِيه. وإِنْ كان المُكاتَبُ مُوسِرًا، يُقَوَّمُ عليه، وإِنْ كان مُعْسِرًا، عَتَقَ منه ما عَتَقَ، وباقِيه رَقِيقٌ. وإِنْ لم يكُنْ فى يَدِه مالٌ، ولم يَفِ بالجِنايةِ إِلَّا قِيمَتُه كلُّها، بِيعَ كُلُّه عليه (٥)، وبَطَلَتْ كِتابَتُه. وإن بَدَا بدَفْعِ المالِ إلى سَيِّدِه، نَظَرْنا؛ فإنْ كان وَلِىُّ الجِنايةِ سأَلَ الحاكمَ، فحَجَرَ [على المُكاتَبِ، ثَبَتَ الحَجْرُ] (٦) عليه، وكان النَّظَرُ فيه إلى الحاكمِ، فلا يَصِحُّ دَفْعُه إلى سَيِّدِه، ويَرْتَجِعُه الحاكمُ، ويَدْفَعُه إلى وَلِىِّ الجنايةِ، فإن


(٢) فى الأصل، أ: "مقدمة".
(٣) فى الأصل، أ، ب: "تقديمها".
(٤) سقطت الواو من: ب، م.
(٥) فى أ، ب، م: "فيها".
(٦) سقط من: الأصل. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>