للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمِّه؛ لأنَّها تابِعَةٌ لِكَسْبِه، وكَسْبُه لها، فنَفَقَتُه عليها. وأمَّا عِتْقُه، فإنَّه يَعْتِقُ بأدائِها أو إِبْرائِها، ويَرِقُّ بعَجْزِها؛ لأَنَّه تابِعٌ لها. وإِنْ ماتَتِ المُكاتَبةُ على كتابَتِها، بطَلت كِتابَتُها، وعادَ رَقِيقًا قِنًّا، إِلَّا أَنْ تُخلِّفَ وَفاءً، فيكونَ على الرِّوايَتَيْن. وإِنْ أَعْتَقَها سَيِّدُها، لم يَعْتِقْ ولدُها؛ لأَنَّه إنَّما تَبِعَها فى حُكمِ الكتابةِ، وهو العِتْقُ بالأداءِ، وما حصلَ الأداءُ، وإنَّما حصَلَ عِتْقُها بأَمْرٍ لا يَتْبَعُها فيه، فأشْبَهَ ما لو لم تكُنْ مُكاتَبةً. ومُقْتَضَى قولِ أصْحابِنا الذين قالُوا: تَبْطُلُ كتابَتُها بعِتْقِها. أَنْ يعودَ ولَدُها رَقِيقًا. ومُقْتَضَى قَوْلِنا، أنَّه (١٢) يَبْقَى على حكمِ الكتابةِ، ويَعْتِقُ بالأداءِ؛ لأنَّ العقدَ لم يُوجَدْ ما يُبْطِلُه، وإنَّما سقَطَ الأداءُ عنها لحُصولِ الحُرِّيَّةِ بدُونِه، فإذا لم يكُنْ لها ولَدٌ يَتْبَعُها فى الكتابةِ، ولا فى يدِها مالٌ يأْخُذُه، لم يظْهَرْ حُكْمُ بَقاءِ العَقْدِ، ولم يكُنْ فى بقائِه فائِدَةٌ، [فانْتَفَى لانْتِفاءِ فائِدَتِه، وفى مَسْأَلَتِنا، فى بقائِه فائِدَةٌ] (١٣)؛ لإِفْضائِه إلى عِتْقِ وَلَدِها، فيَنْبَغِى أَنْ يَبْقَى. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ بإعْتاقِها؛ لأَنَّه جَرَى مَجْرَى إبْرائِها من المالِ (١٤). والحكمُ فيما إذا عَتَقَتْ (١٥) باسْتِيلادٍ أو تَدْبِيرٍ أو تَعْلِيقٍ بصِفَةٍ، كالحُكْمِ فيما إذا أَعْتَقَها؛ لأنَّها عَتَقَتْ بغيرِ الكِتابةِ. وإِنْ أعْتَقَ السَّيِّدُ الولدَ دُونَها، صَحَّ عِتْقُه. نَصَّ عليه أحمدُ، فى رِوَايةِ مُهَنَّا؛ لأَنَّه مَمْلوكٌ له (١٦)، فصَحَّ عِتْقُه، كأُمِّه، ولأَنَّه لو أَعْتَقَه مَعَها لَصَحَّ، ومَنْ صَحَّ عِتْقُه مع غيرِه، صَحَّ مُفْرَدًا، كسائِرِ مَماليكِهِ. وقال القاضِى: وقد كان يَجِبُ أَنْ لا يَنْفُذ عِتْقُه؛ لأنَّ فيه ضَرَرًا بأُمِّه، بتَفْوِيتِ كَسْبِه عليها؛ فإنَّها (١٧) كانت تَسْتَعِينُ به فى كتابَتِها، ولعلَّ أحمدَ نَفَّذَ عِتْقَه تَغْلِيبًا للعِتْقِ. والصَّحِيحُ أنَّه يَعْتِقُ، وما ذَكَرَه القاضى من الضَّرَرِ لا يَصِحُّ لوجُوهٍ؛ أحدُها، أَنَّ الضَّرَرَ إنَّما يحْصُلُ فى حَقِّ مَنْ له كَسْبٌ يفْضُلُ عَن نَفَقَتِه، فأمَّا مَنْ لا كَسْبَ له، فتَخْلِيصُها مِن نفَقَتِه نَفْعٌ مَحْضٌ، فلا ضَرَرَ فى إعْتاقِه؛ لأَنَّه لا يفْضُلُ لها مِن كَسْبِه


(١٢) فى ب: "أن".
(١٣) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٤) فى م: "مال الكتابة".
(١٥) فى م: "أعتقت".
(١٦) سقط من: ب، م.
(١٧) فى م: "لأنها".

<<  <  ج: ص:  >  >>