للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرُ ثابِتٍ فى العَقْدِ، بخلافِ الكتابةِ الصَّحِيحَةِ، وجَرَى هذا مَجْرَى الصِّفَةِ المُجَرَّدَةِ، فى قولِه: إذا أَدَّيْتَ إِلىَّ ألْفًا، فأنْتَ حُرٌّ. الثالِثُ، أَنَّه لا يَلْزَمُ السَّيِّدَ (٤١) أَنْ يُؤَدِّىَ إليه شيئًا من الكتابةِ؛ لأنَّ العِتْقَ ههُنا بالصِّفَةِ المُجَرَّدَةِ، فأشْبَهَ ما لو قال: إذا أدَّيْتَ إِلىَّ ألْفًا، فأنْتَ حُرٌّ. واخْتُلِفَ فى أحكامٍ أرْبَعَةٍ؛ أحدُها، فى بُطْلانِ الكتابةِ بمَوْتِ السَّيِّدِ. فذَهَبَ القاضى وأصحابُه إلى بُطْلانِها. وهو قولُ الشَّافِعِىّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه؛ لأَنَّه عَقْدٌ جائِزٌ من الطَّرَفَيْنِ، لا يُؤُولُ إلى اللُّزومِ، فيَبْطُلُ بالمَوْتِ، كالوَكَالةِ، ولأنَّ المُغَلَّبَ فيها حكمُ الصِّفَةِ المُجَرَّدَةِ، والصِّفَةُ تبْطُلُ بالمَوْتِ، فكذلك هذه الكتابةُ. وقال أبو بكرٍ: لا تَبْطُلُ بالمَوْتِ، ويَعْتِقُ بالأداءِ إلى الوارِثِ. [وهو قولُ أبى حنيفةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه؛ لأَنَّه مُكاتَبٌ يَعْتِقُ بالأداءِ إلى السَّيِّدِ، فيَعْتِقُ بالأداءِ إلى الْوارِثِ] (٤٢)، كما فى الكتابةِ الصحيحَةِ (٤١)، ولأنَّ الفاسِدَةَ كالصَّحِيحَة فى بابِ العِتْق بالأداءِ، وفى أَنَّ الوَلدَ يتْبَعُه، فكذلك فى هذا. والثانى، فى بُطْلانِها بجُنونِ السَّيِّدِ، والحَجْرِ عليه لسَفَهٍ، والخلافُ فيه كالخلافِ فى بُطْلانِها بمَوْتِه. والأَوْلَى أنها لا تبْطُلُ ههنا؛ لأنَّ الصِّفَةَ المُجرَّدَةَ لا تبْطُلُ بذلك، والمُغلَّبُ فى هذه الكتابةِ، حكمُ الصِّفَةِ المُجرَّدَةِ، فلا تبْطُلُ به. فعلى هذا، لو أدَّى إلى سيِّدِه بعدَ ذلك، عَتَقَ. وعلى قَوْلِ مَن أَبْطَلها، لا يَعْتِقُ. الثالِثُ، أَنَّ ما فى يَد المُكاتَبِ وما يَكْسِبُه، وما يفْضُلُ فى يَده بعدَ الأداءِ، له دُونَ سَيِّدِه. فى قولِ القاضِى، ومذهبِ الشافِعِىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لأَنَّها كتابةٌ يَعْتِقُ بالأداءِ فيها، فكان هذا الحُكْمُ ثابِتًا فيها، كالصَّحِيحَةِ. وقال أبو الخَطَّاب: ذلك لِسَيِّدِه فى المَوْضِعَيْن؛ لأنَّ كَسْبَ العبدِ لِسَيِّدِه، بحُكمِ الأَصْلِ، والعَقْدُ ههُنا فاسِدٌ، لم يثْبُتِ الحُكْمُ فى وُجوبِ العِوَضِ فى ذِمَّتِه، فلم يُنْقَلِ المِلْكُ فى المُعَوَّضِ، كسائِرِ العُقودِ الفاسِدَةِ، ولأنَّ المُغلَّبَ فيها حكمُ الصِّفَةِ المُجَرَّدَةِ، وهى لا تُثْبِتُ المِلْكَ له فى كَسْبِه، فكذا ههُنا، وفارَقَ (٤٣) الكتابَةَ


(٤١) سقط من: الأصل.
(٤٢) سقط من: أ، ب. نقل نظر.
(٤٣) فى م: "وفارقت".

<<  <  ج: ص:  >  >>