للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به حاجَةٌ إليه، فعلَى وجْهَيْنِ: أحدُهُما يُبَاحُ لأنَّ المَنْعَ من لُبْسِهِ للْخُيَلَاءِ، وكَسْرِ قُلُوبِ الفقراءِ، والخُيَلَاءُ في وقْتِ الحَرْبِ غيرُ مَذْمُومٍ [قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين رأى بعضَ أصحابِه يمْشِى بين الصَّفَّين يخْتالُ في مِشْيتهِ: "إنَّهَا لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ"] (١١٣). والثانى، يَحْرُمُ؛ لعُمُومِ الخبَرِ. [وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، إباحَتُهُ مُطْلَقًا، وهو قولُ عطاءٍ] (١١٤)، قال الأثْرَمُ: سِمعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْألُ عن لُبْسِ الحريرِ في الحَرْبِ؟ فقالَ: أرْجُو أن لا يكُونَ به بأْسٌ. ورَوَى الأَثْرَمُ بإسنادِهِ عن عُرْوَة، [وعَطاء، أنَّه كان لِعُرْوةَ] (١١٥) يَلْمَقُ (١١٦) مِنْ دِيبَاجٍ، بِطانَتُهُ سُنْدُسٌ، محْشُوًّا قَزًّا، كانَ يَلْبَسُهُ في الحربِ. فأمَّا المَنْسُوجُ من الحَرِيرِ وغيرِهِ، كَثْوبٍ مَنْسُوجٍ مِن قُطْنٍ وإبْرِيسَم، أَوْ قُطْنٍ وكَتَّانٍ فالحُكْمُ لِلأغْلَبِ منْهما. واليَسِيرُ (١١٧) مُسْتَهْلَكٌ فِيهِ، فهو كالضَّبَّةِ (١١٨) مِن الفِضَّةِ، والعَلَمِ مِنَ الحريرِ. وقد رُوِىَ عن ابْنِ عبَّاسٍ قال: إنَّما نهى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الثَّوْبِ المُصْمَتِ مِن الحَرِيرِ، وأمَّا العَلَمُ، وسَدَى الثَّوْبِ، فليس بهِ بأْسٌ. رَوَاهُ الأثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ، وأبو داوُد (١١٩). قال ابْنُ عبدِ البَرِّ: مذهبُ ابنِ عبَّاسٍ وجماعةٍ مِن أهلِ العِلْمِ، أنَّ المُحَرَّمَ الحريرُ الصَّافِى، الذي لا يُخَالِطُهُ غيرُه، فإن كان الأقلَّ الحَرِيرُ فهو مُبَاحٌ، وإنْ كانَ القُطْنُ فهو مُحَرَّمٌ. فَإِنِ اسْتَوَيَا ففى تحْرِيمِهِ وإبَاحَتِهِ وجهانِ.


(١١٣) سقط من: م.
وأخرجه الهيثمي، عن الطبراني، في: باب في وقعة أحد، من كتاب المغازى والسير. مجمع الزوائد ٦/ ١٠٩.
(١١٤) سقط من: الأصل.
(١١٥) في م: "أنه كان له".
(١١٦) اليلمق: القباء.
(١١٧) في م: "لأن الأول".
(١١٨) في م: "كالبيضة" تحريف.
والضبة من حديد أو صفر أو فضة يشعب بها الإناء.
(١١٩) في: باب الرخصة في العلم وخيط الحرير، من كتاب اللباس. سنن أبي داود ٢/ ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>