للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آكدُ مِن إزالَةِ النجاسَةِ، على ما قَرَّرْنَاهُ في [الصَّلاةِ جالِسًا، فكان أَوْلَى] (٣٣) ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قالَ: ["غَطِّ فَخِذَكَ] (٣٤) ". وهذا عامٌّ، ولأنَّ السُّتْرَةَ مُتَّفَقٌ [على اشْتِرَاطِهَا] (٣٥)، والطهارَةُ مِن النجاسَةِ مُخْتَلفٌ فيها، فكان المُتَّفَقُ عليه أوْلَى. (٣٦) وما ذكرَه الشَّافِعِىُّ مُعارَضٌ بأنه قدر على سَتْرِ عَوْرتهِ فلَزِمَه، كما لو وجَد ثوبًا طاهرًا. إذا ثبت هذا فإنَّه إذا صلَّى فيه لم يَلزمْه الإِعادةُ؛ لأنَّه أتَى بما أُمِرَ، فأشْبه مَن لم يجدْ ثوبًا، فصلَّى عُرْيانًا، أو مَن صلَّى في موضعٍ نَجِسٍ، لا يُمْكِنُه الخروجُ منه. فإنَّ أحمدَ نصَّ على أنَّه لا تَلزمُه الإِعادةُ. ونُقِلَ عنه، في مَن صلَّى في ثوبٍ نَجِسٍ أنَّه يُعيد؛ لأنَّه صلَّى في ثَوْبٍ نَجِسٍ أمْكَنَه أنْ لا يُصلِّىَ فيه. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ الشَّرْعَ مَنَعَه نَزْعَه. وهذا مذهبُ مالكٍ، والأوْزاعِىِّ؛ لأنَّ التحريرَ من النجاسةِ شَرْطٌ عجزَ عنه، فسَقَط، كالسُّتْرةِ، بل هذا أوْلَى، فإن السُّتْرةَ آكدُ منه، بدليلِ تقْديمه عليه. وإن لم يجِدْ إلَّا ثَوْبَ حريرٍ صَلَّى فيه، ولا إعادةَ عليه؛ لأنَّ تحريمَ لُبْسِه يزولُ بالحاجةِ إليه. وإن لم يجدْ إلَّا ثوبًا مَغْصُوبًا، صلَّى عُرْيانًا؛ لأنَّ تَحْريمَه بحقِّ آدمِىٍّ، فأشْبَه مَن لم يجدْ ماءً يتوضَّأُ به إلَّا أن يغْصِبَه، فإنَّه يتيَمَّمُ، ويتْركُه.


(٣٣) في الأصل: "تأكده على أركان الصلاة".
(٣٤) في الأصل: "لا يقبل اللَّه صلاة حائض إلا بخمار".
وتقدم تخريج حديث "غط فخذك" في صفحة ٢٨٥.
(٣٥) في الأصل: "عليها".
(٣٦) من هنا إلى آخر قوله: "يتيمم ويتركه"، جاء في م: "وما ذكره الشافعي معارض بمثله، وهو أنه قدر على ستر عورته، فلزمه، كما لو وجد ثوبا طاهرا إذا انفرد أنه يصلى فيه، فالمنصوص عن أحمد أنه لا يعيد؛ لأن الطهارة من النجاسة شرط قد فاتت. وقد نص في من صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه أنه لا يعيد. فكذا ههنا. وهو مذهب مالك والأوزاعى. وهو الصحيح؛ لأنه شرط للصلاة عجز عنه، فسقط كالسترة والاستقبال، بل أولى، فإن السترة آكدُ، بدليل تقديمها على هذا الشرط، ثم قد صحت الصلاة وأجزأت عند عدمها، فههنا أولى. فإن لم يجد إلا ثوب حرير صلى فيه، ولا يعيد. وإن لم يجد إلا ثوبا مغصوبا صلى عريانا، لما في ذلك من حق الآدمى، فأشبه ما لو لم يجد ماء يتوضأ به، إلا أن يغصبه، فإنه يتيمم. كذا ههنا. واللَّه أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>