للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابِنا مَنْ قالَ: تجِبُ [على مَن بلَغ عَشْرًا؛ لأنَّه يُعاقَبُ على تَرْكِها، ولا تُشْرَعُ العُقوبةُ] (٨) إلَّا لِتَرْكِ وَاجِبٍ، [ولأنَّ حدَّ الواجبِ ما عُوقبَ على تَرْكِه] (٩)، ولأنَّ أحمدَ قد نُقِلَ عنهُ في ابْنِ أَرْبَعَ عشرَة: إذا تركَ الصلاةَ يُعِيدُ. [ولعلَّ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، أَمَرَ بذلك على طريقِ الاحْتِيَاطِ] (١٠)؛ [فإنَّ الحدِيثَ قد ثبَتَ عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-] (١١): "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَبْلُغَ (١٢) ". وَلِأَنَّهُ صَبِىٌّ فَلَمْ يَجِبْ عليهِ كَالصَّغِيرِ، [يُحقِّقُه أنَّ الصَّبِىَّ ضعيفُ العقلِ والبِنْيَةِ، ولا بُدَّ مِن ضابِطٍ يضْبُطُ الحَدَّ الذي تتكامَلُ فيه بِنْيتُه وعقْلُه، فإنَّه يتَزايدُ تزايُدًا خَفِىَّ التَّدْرِيجِ، فلا يعْلَمُ ذلك بنفسِه، والبلوغُ ضابطٌ لذلكَ، ولهذا تجبُ به الحدودُ، وتُؤْخَذُ بهِ الجِزْيةُ مِن الذِّمِّىِّ إذا بلغه، ويتعلَّق به أكثرُ أحكامِ التَّكْليفِ، فكذلك الصلاةُ. وقولُ أحمدَ في ذلك يُحْمَلُ على سبيلِ الاحْتياط، مَخافةَ أنْ يكونَ قد بلَغ، ولهذا قَيَّدَه بابنِ أرْبعَ عشرةَ، ولو أراد ما قالُوا لما اخْتُصَّ بابن أربعَ عشرةَ دون غيرِه] (١٣). وهذا التأْديبُ ههنا (١٤) للتَّمْرِينِ والتَّعْوِيدِ، كالتَّأْديبِ (١٥) على تَعَلُّمِ الخَطِّ والقُرْآنِ والصِّنَاعَةِ وأَشْبَاهِها، ولا خِلَافَ في أنَّها تَصِحُّ مِن الصَّبِىِّ العَاقِلِ، ولا فَرْقَ بين الذَّكَرِ والأُنْثَى فيما ذكَرْنَاه.


(٨) في م: "عليه لهذا الحديث، فإن العقوبة لا تشرع".
(٩) سقط من: م.
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) في الأصل: "ولنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال".
(١٢) تقدم في صفحة ٥٠ من هذا الجزء.
(١٣) سقط من: م.
(١٤) سقط من: م.
(١٥) في م: "كالضرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>