للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَيْنَاه. وإذا كان المَأْمُومُ مَسْبُوقًا فسَهَا الإِمامُ فيما لم يُدْرِكْهُ فيه، فعَلَيْه مُتَابَعَتُه في السُّجُودِ، سَوَاءٌ كان قبلَ السَّلامِ أو بعدَه. رُوِىَ هذا عن عَطَاءٍ، والحسنِ، والنَّخَعِىِّ، والشَّعْبِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال ابْنُ سِيرِينَ، وإسحاقُ: يَقْضِى ثم يَسْجُدُ. وقال مالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، واللَّيْثُ، والشَّافِعِىُّ، في السُّجُودِ قبل السَّلَامِ، كَقَوْلِنا، وفيما (٦) بَعْدَهُ، كَقَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ. وَرُوِىَ ذلك عن أحمدَ. ذَكَرَه أبو بكرٍ، في "زَادِ المُسَافِرِ"؛ لأنَّه فِعْلٌ خَارِجٌ من الصَّلاةِ، فلم يَتْبَع الإِمامَ فيه، كصلاةٍ أُخْرَى. ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا". وقَوْلُه في حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "فَإن سَهَا إمَامُهُ فعَلَيْه وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ". ولأنَّ السُّجُودَ من تَمامِ الصَّلاةِ، فيُتَابِعُه فيه، كالَّذِى قبلَ السَّلامِ، وكغيْرِ المَسْبُوقِ، وفارَقَ صَلاةً أُخْرَى، فإنَّه غيرُ مُؤْتَمٍّ به فيها. إذا ثَبَتَ هذا فمتى قَضَى فَفى إعَادَةِ السُّجُودِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهما، يُعِيدُه؛ لأنَّه قد لَزِمَهُ حُكْمُ السَّهْوِ، وما فَعَلَه من السُّجُودِ مع الإِمامِ كان مُتابَعةً (٧) له، فلا يَسْقُطُ به ما لَزِمَه، كالتَّشَهُّدِ الأخِيرِ. والثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه السُّجُودُ؛ لأنَّ سُجُودَ إمامِه قد كَمُلَتْ به الصَّلَاةُ في حَقِّه، وحَصَلَ به الجُبْرَانُ، فلم يَحْتَجْ إلى سُجُودٍ ثَانٍ، كالمَأْمُومِ إذا سَهَا وَحْدَه. وللشَّافِعِىِّ قَوْلَانِ كالرِّوَايَتَيْنِ. فإن نَسِىَ الإِمامُ السُّجُودَ، سجد المَسْبُوقُ في آخِرِ صَلَاتِه، رِوَايَةً واحِدَةً؛ لأنَّه لم يُوجَدْ من الإِمامِ ما يُكْمِلُ به صلاةَ المَأْمُومِ. وإذا سَهَا المَأْمُومُ فيما يَنْفَردُ (٨) فيه بالقَضَاءِ، سجد، رِوَايةً وَاحِدَةً؛ لأنَّه قد صَارَ مُنْفَرِدًا، فلم يَتَحَمَّلْ عنه الإِمامُ. وهكذا لو سَهَا، فَسَلَّمَ مع إمَامِه، قامَ فأتَمَّ صلاتَه، ثم يسْجُدُ (٩) بعد السَّلامِ، كالمُنْفَرِدِ، سَواءً.


(٦) سقطت: "فيما" من: م.
(٧) في أ، م: "متابعا".
(٨) في م: "تفرد".
(٩) في م: "سجد".

<<  <  ج: ص:  >  >>