للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يُنْزَعُ فيه الثِّيابُ والأتُونِ وكلِّ ما يُغْلَقُ عليه بابُ الحَمَّامِ؛ لتَناوُلِ الاسْمِ له. وأمَّا المَعَاطِنُ، فقالَ أحمدُ: هي التي تُقِيمُ فيها الإِبِلُ وتَأْوِى إليها. وقيل: هي المَوَاضِعُ التي تُنَاخُ فيها إذا وَرَدتْ. والأوَّلُ أجْوَدُ؛ لأنَّه [جعَلَه في] (١١) مُقَابِلَةِ مُرَاحِ الغَنَمِ. والحُشُّ: المَكَانُ الذي يُتَّخَذُ للغَائِطِ والبَوْلِ. فَيُمْنَعُ من الصَّلاةِ فيما هو دَاخِلُ بَابِه. ولا أعْلَمُ في مَنْعِ الصَّلاةِ فيه نَصًّا (١٢)، إلَّا أنَّه قد مُنِعَ من ذِكْرِ اللهِ تعالى فيه والكلام، فمَنْعُ الصَّلاةِ فيه أوْلَى، ولأنه إذا مُنِعَ الصَّلاةُ في هذه المَوَاضِعِ لِكَوْنها مَظَانَّ لِلنَّجَاسَاتِ، فهذا أوْلَى؛ فإنَّه بُنِىَ لها. ويَحْتَمِلُ أنَّ المَنْعَ في هذه المَوَاضِع مُعَلَّلٌ بأنَّها مَظَانُّ لِلنَّجاساتِ، فإنَّ المَقْبَرَةَ تُنْبَشُ ويَظْهَرُ التُّرَابُ الذي فيه صَدِيدُ المَوْتَى وَدِمَاؤُهم ولُحُومُهم، ومَعَاطِنُ الإِبِلِ يُبَالُ فِيها، فإنَّ البَعِيرَ البَارِكَ كالجِدَارِ يُمْكِنُ أن يَسْتَتِرَ به ويَبُول، كما رُوِىَ عن ابْنِ عمرَ، أنه أنَاخَ بَعِيرَه مُسْتَقْبِلَ القِبْلَة، ثم جَلَسَ يَبُولُ إليه. ولا يتَحَقَّقُ هذا في حَيَوانٍ سِوَاها؛ لأنَّه في حالِ رَبضْهِ (١٣) لا يَسْتُرُ، وفي حالِ قِيَامِه لا يَثْبُتُ ولا يَسْتُرُ. والحَمَّامُ مَوْضِعُ الأوْساخِ والبَوْلِ، فَنُهِى عن الصَّلاةِ فيها لذلك. وتَعَلَّقَ الحُكْمُ بها وإن كانت طَاهِرَةً؛ لأن المَظِنَّةَ يَتَعَلَّقُ الحُكْمُ بها وإن خَفيَت الحِكْمَةُ فيها، ومتَى أمْكَنَ تَعْلِيلُ الحُكْمِ تَعَيَّنَ تَعْلِيلُه، وكان أوْلَى من قَهْرِ التَّعَبُّدِ ومَرَارَةِ التَّحَكُّمِ، ويَدُلّ عَلَى صِحَّةِ هذا تَعْدِيَةُ الحُكْمِ إلى الحُشِّ المَسْكُوت عنه، بالتَّنْبِيهِ [ولا بُدَّ في التَّنْبِيهِ] (١٤) من وُجُودِ مَعْنَى المَنْطُوقِ فيه، وإلَّا لم يَكُنْ ذلك تَنْبِيهًا، فعلى هذا يُمْكِنُ قَصْرُ الحُكْمِ على ما هو مَظِنَّةٌ منها، فلا يَثْبُتُ حُكْمُ المَنْعِ في مَوْضِع المَسْلَخِ من الحَمَّامِ، ولا في سَطْحِه (١٥)، لِعَدَمِ المَظِنَّة فيه، وكذلك ما أشْبَهَهُ. واللهُ أعلمُ.


(١١) في م: "جعلها".
(١٢) سقط من: م.
(١٣) يقال: ربضت الدواب، وبركت الإِبل.
(١٤) سقط من: م.
(١٥) فى م: "وسطه".

<<  <  ج: ص:  >  >>