للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أصَابَتْه نَجَاسَةٌ، فدَلَكَها بالأرْضِ حتَّى زَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ، فَفِيه ثلاثُ رِواياتٍ: إحْداهُنَّ، يُجْزِئُ دَلْكُه بالأرْضِ، وتُبَاحُ الصَّلاةُ فيه. وهذا (٢٩) قَوْلُ الأوْزَاعِىِّ، وإسْحاقَ؛ لما رَوَى أبو دَاوُدَ، بإسْنَادِهِ عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "إذَا وَطِئَ أَحَدُكُم الأَذَى بِخُفَّيْهِ فَطَهُورُهُما التُّرابُ". وفى لَفْظٍ: "إذا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بنَعْلِهِ الْأذَى، فإنَّ التُّرابَ له طَهُورٌ". وعن عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مثلُ ذلك، وعن أبي سعيدٍ، قال: قال رَسُولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا جَاءَ أَحَدُكُم إلى المَسْجِدِ فَلْيَنْظُر، فإنْ رَأَى في نَعْلَيْهِ قَذَرًا أو أذًى، فَلْيَمْسَحْه، وليُصَلِّ فِيهِمَا". وعن ابْنِ مَسْعُودٍ قال: كُنَّا لا نَتَوَضَّأُ من مَوْطِئٍ. رواهما أبو دَاوُد (٣٠). ولأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحابَه كانُوا يُصَلُّونَ في نِعَالِهم. قال أبو مَسْلَمةَ سَعِيدُ بنُ يَزِيدَ: سألتُ أنسَ ابنَ مالكٍ: أكانَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّى في نَعْلَيْه؟ قال: نعم. مُتَّفَقٌ عليه (٣١). والظَّاهِرُ أن النَّعْلَ لا تَخْلُو من نَجاسةٍ تُصِيبُها، فلو لم يُجْزِئْ دَلْكُها لم تَصِحَّ الصَّلاةُ فيها. والثَّانِيَةُ، يَجِبُ غَسْلُه كسائِرِ النَّجاساتِ؛ فإنَّ الدَّلْكَ لا يُزِيلُ جَمِيعَ أجْزاءِ النَّجاسةِ. والثَّالِثَةُ، يَجِبُ غَسْلهُ من البَوْلِ والعَذِرَةِ دونَ غيرِهما؛ لتَغَلُّظِ نَجَاسَتِهما وفُحْشِهما. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ اتِّبَاعَ الأَثَرِ واجبٌ. فإن قيلَ: فقَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في نَعْلَيْه، أنَّ فِيهِمَا قَذَرًا. يَدُلُّ على [أنْ لا يُجْزِئُ] (٣٢) دَلْكُهُما، ولم يَزُلِ القَذَرُ


(٢٩) في م: "وهو".
(٣٠) حديث أبي هريرة ومثله عن عائشة أخرجه أبو داود، في: باب في الأذى يصيب النعل، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٩٢. وحديث أبي سعيد أخرجه، في: باب الصلاة في النعل، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٥١.
(٣١) أخرجه البخاري، في: باب الصلاة في النعال، من كتاب. الصلاة، وفى: باب النعال السبتية وغيرها، من كتاب اللباس. صحيح البخاري ١/ ١٠٨، ٤/ ١٩٨. ومسلم، في: باب جواز الصلاة في النعلين، من كتاب المساجد. صحيح مسلم ١/ ٣٩١. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الصلاة في النعال، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٩٠. والنسائي، في: باب الصلاة في النعلين، من كتاب القبلة. المجتبى ٢/ ٥٨. والدارمى، في: باب الصلاة في النعلين، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٢٠. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ١٠٠، ١٦٦.
(٣٢) في أ، م: "أنه لم يجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>