للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَكَمُ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحَاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وكَرِهَ أبو مِجْلَزٍ إمامةَ العَبْدِ، وقال مالِكٌ: لا يَؤُمُّهُم إلَّا أن يَكُونَ قَارِئًا وهم أُمِّيُّونَ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَؤُمُّ القَوْمَ أقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى" (٣)، وقال أبو ذَرٍّ: إنَّ خَلِيلى أوْصَانِى أنْ أسْمَعَ وأُطِيعَ، وإن كان عَبْدًا مُجَدَّعَ (٤) الأطْرَافِ، وأنْ أُصَلِّىَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، "فإن أدْرَكْتَ القَوْمَ وقد صَلَّوْا، كُنْتَ قَدْ (٥) أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وإلَّا كانَتْ لَكَ نافِلَةً". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٦). ولأنَّه إجْماعُ الصَّحابةِ، فَعَلَتْ عائشةُ ذلك، وَرُوِىَ أنَّ أبا سَعِيدٍ مَوْلَى أبى أَسِيدٍ، قال: تَزَوَّجْتُ وأنا عَبْدٌ، فَدَعَوْتُ نَفَرًا من أصْحَابِ رَسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأجَابُونى، فكان فيهم أبو ذَرٍّ، وابنُ مَسْعُودٍ، وحُذَيْفَةُ، فحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وهم في بَيْتِى، فتَقَدَّمَ أبو ذَرٍّ لِيُصَلِّىَ بهم، فقَالُوا له: وَرَاءَكَ؟ فالتَفَتَ إلى ابْنِ مَسعودٍ، فقال: أكذلِكَ يا أبا عبدِ الرحمن؟ قال: نعم. فَقَدَّمُونى، وأنا عَبْدٌ، فصَلَّيْتُ بهم. رَوَاهُ صَالِحٌ في "مَسَائِلِه" بإسْنَادِه (٧)، وهذه قضيَّةٌ (٨) مثلُها يَنْتَشِرُ، ولم يُنْكَرْ ولا عُرِفَ مُخَالِفٌ لها، فكان ذلك إجْماعًا، ولأنَّ الرِّقَّ حَقٌّ ثَبَتَ عليه، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ إمامَتِه كالدَّيْن، ولأنَّه من أهْلِ الأذَانِ لِلرِّجالِ يَأْتِى بالصَّلاةِ على الكَمالِ، فكان له أنْ يَؤُمَّهُم كالحُرِّ. وأمَّا الأعْمَى فلا نَعْلَمُ في صِحَّةِ إمامَتِه خِلَافًا، إلَّا ما حُكِىَ عن أنَسٍ، أنَّه قال: ما حَاجَتُهم إليه. وعن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّه قال: كَيْفَ أؤُمُّهُم وهم يَعْدِلُونَنِى إلى


= الكبرى ٣/ ١٢٦. وهو في مصنف عبد الرزاق، باب الرجل يؤتى في ربعه. المصنف ٣/ ٢٩٣.
(٣) سبق تخريجه في صفحة ١٢.
(٤) أي مقطع الأطراف.
(٥) سقط من: ا، م.
(٦) تقدم في ٢/ ٥٢١.
(٧) انظر ما تقدم في أول المسألة.
(٨) في أ، م: "قصة".

<<  <  ج: ص:  >  >>