للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَدِيثُ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَزَلْ يُدَارِئُ البَهْمَةَ حتى لَصِقَ بِالجَدْرِ (٢٥). وحدِيثُ أبي سَعِيدٍ [في الأمْرِ] (٢٦) بِدَفْعِ المارِّ بين يَدَىِ المُصَلِّى، ومُقَاتَلَتِه إذا أبَى الرُّجُوعَ (٢٧). فكُلُّ هذا وأشْبَاهُه لا بَأْسَ به في الصلَاةِ، ولا يُبْطِلُها، ولو فَعَلَ هذا لِغَيْرِ حَاجَةٍ، كُرِهَ، ولا يُبْطِلُها أيضًا. ولا يَتَقَدَّرُ الجائِزُ من هذا بثَلَاثٍ ولا بِغَيْرِها من العَدَدِ؛ لأنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الظَّاهِرُ منه زِيَادَتُه (٢٨) على ثَلَاث، كتَأخُّرِه حتى تَأخَّرَ الرِّجَالُ فانْتَهَوا إلى النِّساءِ، وفي حَمْلِه أُمَامَةَ وَوضْعِها في كُلِّ رَكْعَةٍ، وهذا في الغَالبِ يَزِيدُ على ثلاثةِ أفْعَالٍ، وكذلك مَشْىُ أبِى بَرْزَةَ مع دَابَّتِه. ولأنَّ التَّقْديرَ بابُه التَّوْقِيفُ، وهذا لا تَوْقِيفَ فيه، ولكن يُرْجَعُ في الكَثِيرِ واليَسِيرِ إلى العُرْفِ، فيما يُعَدُّ كَثِيرًا أو يَسِرًا، وكُلُّ ما شَابَه فِعْلَ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو مَعْدُودٌ يَسِيرًا. وإن فَعَلَ أفْعَالًا مُتَفَرِّقَةً لو جُمِعَتْ كانت كَثيرةً، وكُلُّ واحِدٍ منها بِمُفْرَدِه يَسِيرٌ، فهى في حَدِّ اليَسِيرِ؛ بِدَلِيلِ حَمْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأُمَامَةَ في كُلِّ رَكْعَةٍ وَوَضْعِها. وما كَثُرَ وزَادَ على فِعْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبْطَلَ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ كان لِحَاجَةٍ أو غيرِها، إلَّا أن يكُونَ لِضَرُورَةٍ، فيكونُ حُكْمُه حُكْمَ الخَائِفِ، فلا تَبْطُلُ صلاتُه به، وإن احْتاجَ إلى الفِعْلِ الكَثِيرِ في الصلاةِ لِغيرِ ضَرُورَةٍ، قَطَعَ الصلاةَ، وفَعَلَه. قال أحمد: إذا رَأى صبيينِ يَقْتَتِلَانِ، يتَخَوَّفُ أن يُلْقَىَ أَحدُهما صَاحِبَه في البِئْرِ، فإنَّه يَذْهَبُ إليهما فيُخَلِّصُهما، ويَعُودُ في صلاتِه. وقال: إذا لَزِمَ رَجُلٌ رَجُلًا، فدَخَلَ المَسْجِدَ، وقد أُقِيمَتِ الصلاةُ، فلمَّا سَجَدَ الإِمامُ خَرَجَ المَلْزُومُ، فإنَّ الذي كان يلْزَمُه (٢٩) يَخْرُجُ في طَلَبِه. يَعْنِى: ويَبْتَدِئُ الصلاةَ. وهكذا لو رَأَى حَرِيقًا يُرِيدُ


(٢٥) تقدم في صفحة ٨٢.
(٢٦) في م: "بالأمر".
(٢٧) تقدم في صفحة ٩٢.
(٢٨) في م: "بزيادته".
(٢٩) في أ، م: "يلزم".

<<  <  ج: ص:  >  >>