للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الْحُمُرِ يومَ خَيْبَرَ: "إِنَّهَا رِجْسٌ". (٢٥) ولأنه حيوانٌ حُرِّمَ أكْلُه، لا لحُرْمَتِه، يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه غالبًا، أَشْبَهَ الكلبَ، ولأنَّ السِّباعَ والجوارحَ الغالبُ عليها أكلُ الْمَيْتاتِ والنَّجاسات، فَتنْجُس أفْواهُها، ولا يتحقَّقُ وجودُ مُطَهِّرٍ لها، فينبغى أن يُقْضَى بنجاستِها، كالكلاب، وحديثُ أبى سعيد قد أجَبْنَا عنه، ويتعَيَّنُ حَمْلُه على الماءِ الكثير، عندَ مَن يرَى نجاسةَ سُؤْرِ الكلب، والحديثُ الآخَرُ يرْوِيه ابن أبي حَبِيبة، وهو مُنْكَرُ الحديث. قاله البُخارِىُّ (٢٦). وإبراهيمُ بن يحيى (٢٧)، وهو كَذَّابٌ.

والصَّحِيحُ عندى: طهارةُ البغلِ والحمار؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يركبُها، وتُرْكَبُ في زمنِه، وفى عصرِ الصحابة، فلو كان نَجِسًا لبَيَّنَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، ولأنهما ممَّا (٢٨) لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منهما لِمُقْتنيهما. فأشْبَها السِّنَّوْرَ، وقولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-[في الحُمُرِ] (٢٩): "إِنَّهَا رِجْسٌ" أراد أنها مُحَرَّمةُ, كقولِه تعالى في [الخمر] (٣٠) والمَيْسِرِ والأنْصاب والأزْلام إنها {رِجْسٌ} (٣١)، ويحْتَمِلُ أنه أراد لَحْمَها الذي


(٢٥) أخرجه البخاري، في: النهى عن لحوم الحمر الإنسية فقط، وفى: باب لحوم الحمر الإنسية، من كتاب الذبائح، وفى: باب غزوة خيبر، من كتاب المغازى. صحيح البخاري ٧/ ١٢٣، ١٢٤، ٥/ ١٦٧. ومسلم، في: باب تحريم أكل لحوم الحمر الإنسية، من كتاب الصيد. صحيح مسلم ٣/ ١٥٤٠. والنسائي، في: باب سؤر الحمار، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٤٩. وابن ماجه، في: باب لحوم الحمر الوحشية، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٦٦. والدارمى، في: باب لحوم الحمر الأهلية، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمي ٢/ ٨٧.
(٢٦) في التاريخ الكبير ١/ ٢٧١، وهو إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة المدنى الأنصاري، وكان موجودا سنة ستين ومائة.
(٢٧) إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد الشجرى، روى عن أبيه، وعنه البخاري في غير الصحيح، وغيره. انظر: ميزان الاعتدال ١/ ٧٤، تهذيب التهذيب ١/ ١٧٦.
(٢٨) سقط من: م.
(٢٩) سقط من: م.
(٣٠) سقط من: الأصل، أ.
(٣١) سورة المائدة ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>