للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَى صَالِحُ بن خَوَّاتٍ، عَمَّنْ صَلَّى مع النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ ذَاتِ الرِّقاعِ صلاةَ الخَوْفِ، أنَّ طائِفَةً صَفَّتْ (١٠) معه، وطَائِفَةً وِجَاهَ العَدُوِّ، فصَلَّى بِالَّتِى معه رَكْعَةً، ثم ثَبَتَ قَائِمًا، وأَتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ، ثم انْصَرَفُوا وَصَفُّوا وِجَاهَ العَدُوِّ، وجَاءت الطَّائِفَةُ الأُخْرَى، فَصَلَّى بهم الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ من صلاتِه، ثم ثَبَتَ جَالِسًا، وأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِم، ثم سَلَّمَ بهم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١١) ورَوَى سَهْلُ بن أبي حَثْمَةَ مثلَ ذلك (١٢)، والعَمَلُ بهذا أوْلَى؛ لأنَّه أَشْبَهُ بِكِتابِ اللَّه تعالى، وأَحْوَطُ لِلصلاةِ والحَرْبِ. أمَّا مُوَافَقَةُ الكِتابِ، فإنَّ قولَ اللهِ تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}. يَقْتَضِى أنَّ جَمِيعَ صلاتِها معه، وعِنْدَهُ تُصَلِّى معه رَكْعَةً فقط، وعِنْدَنَا جَمِيعَ صَلاتِها معه، إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ تُوَافِقُه في أَفْعَالِه وقِيامِه، والثانية تَأْتِى بها قبل سَلَامِه، ثم تُسَلِّمُ معه، ومن مَفْهُومِ قولِه: {لَمْ يُصَلُّوا} أن الطَّائِفَةَ الأُولَى قد صَلَّتْ جَمِيعَ صلاتِها، وعلى قَوْلِهِم: لم تُصَلِّ إلَّا بَعْضَها. وأما الاحْتِيَاطُ لِلصلاةِ، فإنَّ كُلَّ طَائِفةٍ تَأْتِى بِصلاتِها مُتَوَالِيَةً، بعضُها تُوَافِقُ الإِمامَ فيها فِعْلًا، وبعضُها تُفارِقُه، وتَأْتِى به وَحْدَها كالمَسْبُوقِ. وعِنْدَهُ تَنْصَرِفُ في الصلاةِ، فإمَّا أن تَمْشِىَ، وإمَّا أن تَرْكَبَ، وهذا عَمَلٌ كَثِيرٌ، وتَسْتَدْبِرُ القِبْلَةَ، وهذا يُنَافِى الصلاةَ، وتُفَرِّقُ بين الرَّكْعَتَيْنِ تَفْرِيقًا كَثِيرًا بما يُنافِيها. ثم جَعَلُوا


(١٠) في أ، م: "صلت" قال النووي بعد قوله "صفت" هكذا هو في أكثر النسخ، وفى بعضها: "صلت معه"، وهما صحيحان. شرح النووي لصحيح مسلم ٦/ ١٢٨، ١٢٩.
(١١) في: باب صلاة الخوف، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم ١/ ٥٧٥، ٥٧٦. كما أخرجه البخاري، في: باب غزوة ذات الرقاع، من كتاب المغازى. صحيح البخاري ٥/ ١٤٥. وأبو داود، في: باب من قال: إذا صلى ركعة وثبت قائما. . . إلخ، من كتاب السفر. سنن أبي داود ١/ ٢٨٣. والنسائي، في: أول كتاب صلاة الخوف. المجتبى ٣/ ١٣٩. والإِمام مالك، في: باب صلاة الخوف. من كتاب صلاة الخوف. الموطأ ١/ ١٨٣. والإِماء أحمد، في: المسند ٥/ ٣٧٠.
(١٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>