للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"مُسْنَدِهِ" (٧) وقال [الإمام أحمد] (٨): إسْنادٌ جَيِّدٌ، يَرْوِيه يحيى بن سعيد عن شُعْبة، (٩) عن الحَكَم، عن عبد الرحمن بن أبي لَيْلَى، عن عبد اللَّه بن عُكَيْم. وفى لفظٍ: أتانا كتابُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبلَ وفاتِه بشَهْرٍ أو شَهْرَين (١٠) وهو ناسِخٌ لما قَبْلَه؛ لأنه في آخرِ عُمْرِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولفظُه دَالٌّ علَى سَبْقِ التَّرْخِيصِ، وأنه مُتأخِّرٌ عنه، لقوله: "كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ". وإنما يُؤْخَذُ بالآخِرِ فالآخِرِ مِن أمرِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-

فإن قيل: هذا مُرْسَلٌ؛ لأنه مِن كتابٍ لا يُعْرَفُ حامِلهُ. قلنا: كتابُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كلَفْظِه. ولولا ذلك لم يكْتُب النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أحدٍ، وقد كتَب إلى مُلوكِ الأطْرافِ، وإلى غيرهمْ فَلِزمَتْهم الحُجَّةُ به، وحصَل له البلاغُ، ولو لم يكنْ حُجَّةً لم تَلْزَمْهم الإِجابةُ، ولا حصَل به بلاغٌ، ولَكان لهم عُذْرٌ في تَرْكِ الإِجابةِ؛ لجهلِهم بحامِل الكتابِ وعَدالتهِ، وروَى أبو بكر الشافِعىُّ، بإسْنادِه، عن أبي الزُّبَيْر، عن جابرٍ، أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتةِ بِشَىْءٍ" (١١). وإسْنادُه حَسَنٌ، ولأنه جُزْءٌ من المَيْتَةِ، فكان مُحَرَّمًا، لقولِه تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (١٢). فلم يطْهُر بالدَّبْغِ كاللَّحْمِ، ولأنه حُرِّمَ بالموتِ، فكان نَجِسًا كما قَبْلَ الدَّبْغِ.


= الأحوذى ٧/ ٢٣٤، ٢٣٥. والنسائي، في: باب ما يدبغ به جلود الميتة، من كتاب الفرع والعتيرة. المجتبى ٧/ ١٥٥. وابن ماجه، في: باب من قال لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه ٢/ ١١٩٤.
(٧) المسند ٤/ ٣١٠، ٣١١.
(٨) من: م
(٩) سقط من: أ.
(١٠) انظر ما مر في تخريج الحديث السابق.
قال الترمذي: وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث؛ لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين، وكان يقول: هذا آخر أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده؛ حيث روى بعضهم فقال عن عبد اللَّه بن عكيم عن أشياخ لهم من جهينة. عارضة الأحوذى ٧/ ٢٣٥، ٢٣٦.
(١١) جمع الجوامع، للسيوطي ١/ ٩٠٧.
(١٢) سورة المائدة ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>