للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ، أو زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ، أو قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ". مُتَّفَقٌ عليه (٢). وهذا لم يَصْدُرْ منه أحَدُ الثَّلاثةِ. فلا يَحِلُّ دَمُهُ. وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النّاسَ حَتَّىِ يَقُولُوا لَا إلهَ إلَّا اللهُ، فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهُم إلَّا بِحَقِّها". مُتَّفَقٌ عليه (٣). ولأنَّه فَرْعٌ من فُرُوعِ الدِّينِ. فلا يُقْتَلُ بِتَرْكِه كالحَجِّ، ولأنَّ القَتْلَ لو شُرِعَ لَشُرِعَ زَجْرًا عن تَرْكِ الصلاةِ، ولا يجوزُ شَرْعُ زَاجِرٍ تَحَقَّقَ المَزْجُورُ عنه، والقَتْلُ يَمْنَعُ فِعْلَ الصلاةِ دَائِمًا، فلا يُشْرَعُ، ولأنَّ الأصْلَ تَحْرِيمُ الدَّمِ، فلا تَثْبُتُ الإِباحَةُ إلَّا بِنَصٍّ أو مَعْنَى نَصٍّ. والأصْلُ عَدَمُه. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (٤). فأباحَ قَتْلَهم، وشَرَطَ في تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِم التَّوْبَةَ، وهى الإِسلامُ، وإقَامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكَاةِ، فمتى تَرَكَ الصلاةَ مُتَعَمِّدًا (٥) لم يَأْتِ بِشَرْطِ تَخْلِيَتِه، فيَبْقَى (٦) على وُجُوبِ القَتْلِ، وقولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فقد بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ" (٧). وهذا يَدُلُّ على إباحةِ قَتْلِه، وقال عليه


(٢) أخرجه البخاري، في: باب قول اللَّه تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ. . .}، من كتاب الديات. صحيح البخاري ٩/ ٦. ومسلم، في: باب ما يباح به دم المسلم، من كتاب القسامة. صحيح مسلم ٣/ ١٣٠٢، ١٣٠٣. كما أخرجه أبو داود، في: باب الحكم في من ارتد، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٤٠. والترمذي، في: باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذى ٩/ ٢. والنسائي، في: باب ذكر ما يحل به دم المسلم، وباب الصلب، وباب الحكم في المرتد، من كتاب التحريم. المجتبى ٧/ ٨٤، ٩٣، ٩٤، ٩٥. والدارمى، في: باب لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا اللَّه، من كتاب السير. سنن الدارمي ٢/ ٢١٨. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٦١، ٦٣، ٦٥، ٧٠، ١٦٣، ٣٨٢، ٤٢٨، ٤٤٤، ٤٦٥، ٦/ ١٨١، ٢١٤.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٣٦.
(٤) سورة التوبة ٥.
(٥) سقط من: الأصل، أ.
(٦) في أ، م: "فبقى".
(٧) أخرجه ابن ماجه، في: باب الصبر على البلاء، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه ٢/ ١٣٣٩. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>