للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"بَيْنَنَا وبَيْنَهُمْ تَرْكُ الصَّلَاةِ، فَمَنْ تَرَكَها فَقَدْ كَفَرَ". رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ (١٧). وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينكُمْ الْأَمَانَةُ، وآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلَاةُ" (١٨). قال أحمدُ: كُلُّ شيءٍ ذَهَب آخِرُه لم يَبْقَ منه شيءٌ. وقال عمرُ، رَضِىَ اللهُ عنه: لا حَظَّ في الإِسلامِ لمن تَرَكَ الصلاةَ. وقال علىٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه: مَنْ لم يُصَلِّ فهو كَافِرٌ. وقال ابنُ مسعودٍ: مَنْ لم يُصَلِّ فلا دِينَ له. وقال عبدُ اللَّه بن شَقِيق (١٩): لم يَكُنْ أصحابُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرَوْنَ شيئًا من الأعْمالِ، تَرْكُه كُفْرٌ، غيرَ الصلاةِ. ولأنَّها عِبادَةٌ يَدْخُلُ بها في الإِسلامِ، فيَخْرُجُ بِتَرْكِها منه كالشَّهادَةِ. والرِّوايةُ الثَّانِيةُ، يُقْتَلُ حَدًّا، مع الحُكْمِ بإسْلَامِه، كالزَّانِى المُحْصَنِ، وهذا اخْتِيارُ أبى عبدِ اللهِ ابن بَطَّةَ، وأنكَرَ قَوْلَ مَن قال: إنَّه يكْفُر. وذَكَرَ أنَّ المذهبَ على هذا، لم يَجِدْ في المذهبَ خِلَافًا فيه. وهذا قولُ أكْثَرِ الفُقَهاءِ، وقولُ أبى حنيفةَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ. وَرُوِىَ عن حُذَيْفَةَ أنَّه قال: يَأْتِى على النَّاسِ زَمَانٌ لا يَبْقَى معهم من الإِسلامِ إلَّا قَوْلُ لا إله إلَّا اللَّه. فقِيلَ له: وما يَنْفعُهم؟ قال: تُنْجِيهِم من النَّارِ، لا أبَالكَ. وعن وَالانَ (٢٠)، قال: انْتَهَيْتُ إلى دَارِى، فوَجَدْتُ شَاةً مَذْبُوحَةً، فقلتُ: مَنْ ذَبَحَها؟ قالوا: غُلامُكَ. قلتُ: واللهِ إنَّ غُلَامِى لا يُصَلِّى، فقال النِّسْوَةُ: نحن عَلَّمْنَاه، يُسَمِّى (٢١)، فرَجَعْتُ إلى ابنِ مسعودٍ، فسَألْتُه عن ذلك، فأمَرَنِى بأكْلِها. والدَّلِيلُ على هذا قولُ النَّبِيِّ


(١٧) الثاني تقدم تخريجه في صفحة ٣٥٣، والأول معه في التخريج. والثالث: لم يخرجه مسلم. انظر تحفة الأشراف. ٢/ ٨١. وأخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في ترك الصلاة، من أبواب الإِيمان. عارضة الأحوذى ١٠/ ٩٠. والنسائي، في: باب الحكم في ترك الصلاة، من كتاب الصلاة. المجتبى ١/ ١٨٧. وابن ماجه، في: باب ما جاء في من ترك الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٤٢. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣٤٦.
(١٨) عزاه جلال الدين السيوطي إلى الطبراني، عن شداد بن أوس مختصرا. جمع الجوامع ١/ ٣٣٩.
(١٩) عبد اللَّه بن شقيق العقيلى البصري، سمع من عمر والكبار، وتوفى بعد المائة. العبر ١/ ١٢٢.
(٢٠) قال البخاري في التاريخ الكبير ٢/ ٤/ ١٨٥: والان الحنفى، سمع ابن مسعود في ذبيحة الصبى قال: لا بأس به.
(٢١) في م: "فسمى".

<<  <  ج: ص:  >  >>