للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به صَلَاةُ ألْفِ إنْسانٍ، وتَحْصِيلُ ذلك بِتَفْوِيتِ احْتِمالِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لا يُخَالِفُ الأصْلَ. إذا ثَبَتَ هذا فظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ أنَّه يَجِبُ قَتْلُهُ بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وهى إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عن أحمدَ؛ لأنَّه تَارِكٌ لِلصلاةِ، فَلَزِمَ قَتْلُه، كتارِكِ ثلاثٍ، ولأنَّ الأخْبَارَ تَتَناوَلُ تَارِكَ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، لكن لا يَثْبُتُ الوُجُوبُ حتى يَضِيقَ وَقْتُ التي بَعْدَها؛ لأنَّ الأُولَى لا يُعْلَمُ تَرْكُها إلَّا بِفَواتِ وَقْتِها، فتَصِيرُ فائِتَةً لا يَجِبُ القَتْلُ بِفَواتِها، فإذا ضاقَ وَقْتُها عُلِمَ أنَّه يُرِيدُ تَرْكَها، فوَجَبَ قَتْلُهُ. والثانية: لا يَجِبُ قَتْلُه حتى يَتْرُكَ ثلاثَ صَلَواتٍ، ويَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ عن فِعْلِها؛ لأنَّه قد يَتْرُكُ الصلاةَ والصلاتَيْنِ لِشُبْهَةٍ، فإذا تَكَرَّرَ ذلك ثلاثًا. تَحَقَّقَ أنَّه [تارِكٌ لها] (١٤) رَغْبَةً عنها، ويُعْتَبَرُ أن يَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَة عن فِعْلِها، لما ذَكَرْنا. وحَكَى ابنُ حامِدٍ، عن أبي إسحاقَ بن شَاقْلا، أنَّه إن تَرَكَ صَلَاةً لا تُجْمَعُ إلى ما بَعْدَها، [كصلاةِ الفَجْرِ] (١٥) والعَصْرِ، وَجَبَ قَتْلُه، وإن تَرَكَ الأُولَى من صَلَاتَىِ الجَمْعِ، لم يَجِبْ قَتْلُه؛ لأنَّ الوَقْتَيْنِ كالوَقْتِ الوَاحِدِ عندَ بَعْضِ العُلَمَاءِ. وهذا قَوْلٌ حَسَنٌ. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ، هل يُقْتَلُ لِكُفُرِهِ، أو حَدًّا؟ فَرُوِىَ أنه يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ كالمُرْتَدِّ، فلا يُغَسَّلُ، ولا يُكَفَّنُ، ولا يُدْفَنُ بين المُسْلِمِينَ، ولا يَرِثُهُ أحَدٌ، ولا يَرِثُ أحَدًا، اخْتَارَهَا أبو إسْحاقَ بن شَاقْلا وابنُ حامِدٍ، وهو مذهبُ الحسنِ، والنَّخَعِىِّ (١٦)، والشَّعْبِىِّ، وأيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ، والأوْزَاعِىِّ، وابنِ المُباركِ، وحَمَّادِ بن زيدٍ، وإسْحاقَ، ومحمدِ بن الحسنِ، لِقَوْلِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ". وفى لَفْظٍ عن جَابِرٍ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وبَيْنَ الشِّرْكِ تَرْكَ الصَّلَاةِ". وعن بُرَيْدَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:


(١٤) في م: "تاركها".
(١٥) في الأصل، أ: "كالفجر".
(١٦) سقط من: أ، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>