للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَبَ لِعَمْرِو بن حَزْمٍ كِتَابًا، ذَكَرَ فيه الصَّدَقَاتِ والدِّيَاتِ (٩)، وذَكَرَ فيه مِثْلَ هذا. ولنا، أنَّ فى حَدِيثَىِ الصَّدَقَاتِ الذى كَتَبَهُ أبو بكرٍ لِأَنَسٍ، والذى كان عندَ آلِ عمرَ ابن الخَطَّابِ مِثْلَ مَذْهَبِنا، وهما صَحِيحانِ، وقد رَوَاهُ أبو بكرٍ عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِه: هذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على المُسْلِمِينَ. وأمَّا كتابُ عَمْرِو بن حَزْمٍ، فقد اخْتُلِفَ فى صِفَتِه، فرَوَاهُ الأَثْرَمُ فى "سُنَنِه" مِثْلَ مَذْهَبِنا. والأخْذُ بذلك أَوْلَى، لِمُوَافَقَتِه الأحَادِيثَ الصَّحاحَ، ومُوَافَقَتِه القِياسَ، فإنَّ المالَ إذا وَجَبَ فيه مِن جِنْسِه لم يَجِبْ من غَيْرِ جِنْسِه، كسائِرِ بَهِيمة الأنْعامِ، ولأنَّه مالٌ احْتَمَلَ المُوَاساةَ من جِنْسِه، فلم يَجِبْ من غيرِ جِنْسِه، كالبَقَرِ والغَنَمِ، وإنَّما وَجَبَ فى الابْتِدَاءِ مِن غيرِ جِنْسِه، لأنَّه ما احْتَمَلَ المُوَاساةَ من جِنْسِهِ، فلم يَجِبْ مِن غيرِ جِنْسِه، فعَدَلْنَا إلى غيرِ الجِنْسِ ضَرُورَةً، وقد زَالَ ذلك بِزِيادَةِ المالِ وكَثْرَتِه، ولأنَّه عِنْدَهم يَنْتَقِلُ (١٠) مِن بِنْتِ مَخَاضٍ إلى حِقَّةٍ، بِزِيَادَةِ خَمْسٍ من الإِبِلِ، وهى زِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ لا تَقْتَضِى الانْتِقَالَ إلى حِقَّةٍ، فإنَّا لم نَنْتَقِلْ (١١) فى مَحَلِّ الوِفَاقِ مِن بِنْتِ مَخَاضٍ إلى حِقَّةٍ، إلَّا بِزِيَادَةِ إحْدَى وعِشْرِينَ، وإن زَادَتْ على مائةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا من بَعِيرٍ، لم يَتَغَيَّرِ الفَرْضُ عند أحَدٍ من النَّاسِ؛ لأنَّ فى بعضِ الرِّوَايَاتِ: "فإذا زَادَتْ وَاحِدَةً". وهذا يُقَيِّدُ مُطْلَقَ الزِّيادَةِ فى الرِّوَايَةِ الأُخْرَى، ولأنَّ سائِرَ الفُرُوضِ لا تَتَغَيَّرُ بِزِيادَةِ جُزْءٍ. وعلى كِلْتا الرِّوَايَتَيْنِ متى بَلَغَتِ الإِبِلُ مائةً وثَلَاثِينَ ففيها حِقَّةٌ وبِنتا لَبُونٍ، وفى مائةٍ وأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وبِنْتَا لَبُونٍ، وفى مائةٍ وخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ، وفى مائةٍ وسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ. ثم كُلَّما زَادَتْ عَشْرًا


(٩) أخرجه الحاكم، فى: باب زكاة الذهب، من كتاب الزكاة. المستدرك ١/ ٣٩٥ - ٣٩٧. وعبد الرزاق، فى: باب الصدقات، من كتاب الزكاة. المصنف ٤/ ٤، ٥. وذكره الهيثمى، فى: باب منه فى بيان الزكاة، من كتاب الزكاة. مجمع الزوائد ٣/ ٧١. وأخرجه مختصرا كل من: الدارمى، فى: باب زكاة الغنم، وباب زكاة الإِبل، من كتاب الزكاة. سنن الدارمى ١/ ٣٨١، ٣٨٣. والدارقطنى، فى: باب زكاة الإِبل والغنم، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى ٢/ ١١٧.
(١٠) فى ا، م: "ينقل".
(١١) فى ا، م: "ننقل".

<<  <  ج: ص:  >  >>