للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليستْ من بَهِيمَةِ الأنْعامِ، فلم تَجِبْ زَكاتُها، كالوُحُوشِ. وحَدِيثُهُم يَرْوِيهِ غُورك (٢٣) السَّعْدِىُّ، وهو ضَعِيفٌ. وأمَّا عمرُ فإنَّما أخَذَ منهم شيئا تَبَرَّعُوا به، وسَأَلُوهُ أخْذَهُ، وعَوَّضَهُم عنه بِرِزْقِ عَبِيدِهم، فرَوَى الإمامُ أحمَدُ (٢٤)، بإسْنَادِهِ عن حَارِثَةَ، قال: جاءَ نَاسٌ من أهْلِ الشَّامِ إلى عُمَرَ، فقالُوا: إنَّا قد أصَبْنَا مَالًا وخَيْلًا وَرَقِيقًا، نُحِبُّ أن يكونَ لنا فيها زَكاةٌ وطَهُورٌ. قال: ما فَعَلَهُ صَاحِبَاىَ قَبْلِى (٢٥)، فَأفْعَلُهُ. فاسْتَشَارَ أصْحابَ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفيهم علىٌّ، فقال: هو حَسَنٌ إن لم يَكُنْ جِزْيَةً يُؤْخَذُونَ بها من بَعْدِكَ. قال أحمدُ: فكان عمرُ يَأخُذُ منهم، ثم يَرْزُقُ عَبِيدَهُمْ، فصارَ حَدِيثُ عُمَرَ حُجَّةً عليهم من وُجُوهٍ؛ أحدُها، قولُه: ما فَعَلَه صَاحِبَاىَ. يعنى النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا بكرٍ رَضىَ اللَّه عنه، ولو كان وَاجِبًا لما تَرَكَا فِعْلَهُ. الثانى، أنَّ عمرَ امْتَنَعَ من أخْذِها، ولا يجوزُ له (٢٦) أن يَمْتَنِعَ من الوَاجِبِ. الثالث، قَوْلُ علىٍّ: هو حَسَنٌ إن لم يَكُنْ جِزْيَةً يُؤْخَذُونَ بها من بَعْدِكَ. فسَمَّاه (٢٧) جِزْيَةً إن أُخِذُوا بها، وجَعَلَ حُسْنَه (٢٨) مَشْرُوطًا بِعَدَمِ أخْذِهِم به، فَيَدُلُّ على أن أخْذَهُم بذلك غيرُ جائِزٍ. الرابعُ، اسْتِشَارَةُ عمرَ أصْحَابَه فى أخْذِهِ، ولو كان وَاجِبًا لما احْتَاجَ إلى الاسْتِشَارَةِ. الخامسُ، أنَّه لم يُشِرْ عليه بأَخْذِهِ أحَدٌ سِوَى علىٍّ، بهذا الشَّرْطِ الذى ذَكَرَهُ، ولو كان وَاجِبًا لأشَارُوا به. السادسُ، أن عمرَ عَوَّضَهم عنه رِزْقَ عَبِيدِهم، والزكاةُ لا يُؤْخَذُ عنها عِوَضٌ. ولا يَصِحُّ قِيَاسُها على


(٢٣) فى النسخ: "عورك". وهو غورك بن الخضرم، كما ذكر الدارقطنى. وانظر ميزان الاعتدال ٣/ ٣٣٧.
(٢٤) فى: المسند ١/ ١٤. كما أخرجه الدارقطنى، فى: باب زكاة مال التجارة وسقوطها عن الخيل والرقيق، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى ٢/ ١٢٦. والبيهقى، فى: باب لا صدقة فى الخيل، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١١٨، ١١٩.
(٢٥) فى الأصل: "قبل".
(٢٦) سقط من: م.
(٢٧) فى أ، م: "فسمى".
(٢٨) سقط من: أ، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>