للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسْتَفادُ من ثلاثةِ أقْسامٍ: أحدُها، أن يكونَ المُسْتَفَادُ من نَمَائِه كَرِبْحِ مالِ التِّجَارَةِ ونِتاجِ السَّائِمَةِ، فهذا يَجِبُ ضَمُّه إلى ما عِنْدَه من أصْلِه، فيُعْتَبَرُ حَوْلُه (٩) بِحَوْلِه. لا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا؛ لأنَّه تَبَعٌ له من جِنْسِه، فأشْبَهَ النَّمَاءَ المُتَّصِلَ، وهو زِيادَةُ قِيمَةِ عُرُوضِ التِّجارَةِ، وبثَمَنِ (١٠) العَبْدِ والجَارِيَةِ. الثانى، أن يكونَ المُسْتَفَادُ من غيرِ جِنْسِ ما عِنْدَه، فهذا له حُكْمُ نَفْسِه، لا يُضَمُّ إلى ما عِنْدَه فى حَوْلٍ ولا نِصَابٍ، بل إنْ كان نِصابًا اسْتَقْبَلَ به حَوْلًا وزَكَّاهُ، وإلَّا فلا شىءَ فيه. وهذا قولُ جُمْهُورِ العُلَماءِ. ورُوِىَ عن ابْنِ مسعودٍ، وابْنِ عَبَّاسٍ، ومُعَاوِيَةَ، أنَّ الزكاةَ تَجِبُ فيه حِينَ اسْتَفَادَه. قال أحمدُ، عن (١١) غيرِ واحِدٍ: يُزَكِّيه حين يَسْتَفِيدُه. ورَوَى بإسْنَادِهِ عن ابْنِ مسعودٍ، قال: كان عبدُ اللهِ يُعْطِينَا ويُزَكِّيه. وعن الأوْزَاعِىِّ فى مَن بَاعَ عَبْدَهُ أو دَارَهُ، أنَّه يُزَكِّى الثَّمَنَ حِينَ يَقَعُ فى يَدِهِ إلَّا أن يكونَ له شَهْرٌ يُعْلَمُ، فَيُؤَخِّرَه حتى يُزَكِّيَه مع مَالِه. وجُمْهُورُ العُلَمَاءِ على خِلَافِ هذا القَوْلِ؛ منهم أبو بكرٍ، وعمرُ، وعثمانُ، وعلىٌّ، رَضِى اللهُ عنهم. قال ابْنُ عبدِ البَرِّ: على هذا جُمْهُورُ العُلَمَاءِ، والخِلَافُ فى ذلك شُذُوذٌ، ولم يُعَرِّجْ عليه أحَدٌ من العُلَمَاءِ، ولا قال به أحَدٌ من أَئِمَّةِ الفَتْوَى. وقد رُوِىَ عن أحمدَ فى مَن بَاعَ دَارَهُ بِعَشْرَةِ آلاف دِرْهَمٍ إلى سَنَةٍ، إذا قَبَضَ المَالَ يُزَكِّيه. وإنَّما نَرَى أنَّ أحمدَ قال ذلك؛ لأنَّه مَلَكَ الدَّرَاهِمَ فى أوَّل الحَوْلِ، وصَارَتْ دَيْنًا له على المُشْتَرِى، فإذا قَبَضَه زَكَّاهُ لِلْحَوْلِ الذى مَرَّ عليه فى مِلْكِه، كسَائِرِ الدُّيُونِ. وقد صرَّحَ بهذا المَعْنَى فى رِوَايَةِ بكرِ بن محمدٍ، عن أبيهِ، فقال: إذا كَرَى دَارًا أو عَبْدًا فى سَنَةٍ بأَلْفٍ، فحَصَلَتْ له الدَّراهِمُ وقَبَضَها، زَكَّاهَا إذا حَالَ عليها الحَوْلُ، من حِينَ قَبَضَها، وإن كانت على المُكْتَرِى، فمن يَوْمِ وَجَبَتْ له فيها الزَّكَاةُ، بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ إذا وَجَبَ له على


(٩) فى أ، م: "حولا".
(١٠) فى أ، م: "ويشمل".
(١١) فى الأصل، م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>