للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبِهِ، زَكَّاهُ من يَوْمِ وَجَبَ له. القِسْمُ الثَّالِثُ، أن يَسْتَفِيدَ مَالًا من جِنْسِ نِصَابٍ عِنْدَه، قد انْعَقَدَ عليه حَوْلُ الزكاةِ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٌّ، مثل أن يكونَ له (١٢) أَرْبَعُونَ من الغَنَمِ، مَضَى عليها بعضُ حَوْلٍ (١٣)، فيَشْتَرِى أو يَتَّهِبُ مائةً، فهذا لا تَجِبُ فيه الزكاةُ حتى يَمْضِىَ عليه حَوْلٌ أيضًا. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَضُمُّهُ إلى ما عِنْدَه فى الحَوْلِ، فيُزَكِّيهِما (١٤) جَمِيعًا عند تَمَامِ حَوْلِ المَالِ الذى كان عندَه، إلَّا أن يكونَ عِوَضًا عن مَالٍ مُزَكًّى؛ لأنَّه يُضَمُّ إلى جِنْسِه فى النِّصَابِ، فوَجَبَ ضَمُّهُ إليه فى الحَوْلِ كالنِّتَاجِ، ولأنَّه إذا ضُمَّ فى النِّصَابِ وهو سَبَبٌ، فضَمُّهُ إليه فى الحَوْلِ الذى هو شَرْطٌ أوْلَى. وبَيَانُ ذلك أنَّه لو كان عندَه مائَتَا دِرْهَمٍ، مَضَى عليها نِصْفُ الحَوْلِ، فوُهِبَ له مائةٌ أُخْرَى، فإن الزَّكَاةَ تَجِبُ فيها إذا تَمَّ حَوْلُها، بغيرِ خِلَافٍ، ولَوْلَا المائتَانِ ما وَجَبَ فيها شىءٌ، فإذا ضُمَّتْ إلى المائتَيْنِ فى أصْلِ الوُجُوبِ فكذلك فى وَقْتِه، ولأنَّ إفْرَادَهُ بالحَوْلِ يُفْضِى إلى تَشْقِيصِ الوَاجِبِ فى السَّائِمَةِ، واخْتِلَافِ أوْقَاتِ الوَاجِبِ، والحَاجَةِ إلى ضَبْطِ مَوَاقِيتِ التَّمَلُّكِ، ومَعْرِفَةِ قَدْرِ الوَاجِبِ فى كل جُزْءٍ مَلَكَهُ، وَوُجُوبِ القَدْرِ اليَسِيرِ الذى لا يَتَمَكَّنُ من إخْرَاجِه، ثم يَتَكَرَّرُ ذلك فى كلِّ حَوْلٍ وَوَقْتٍ، وهذا حَرَجٌ مَدْفُوعٌ بقَوْلِه تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١٥). وقد اعْتَبَرَ الشَّرْعُ ذلك بإيجابِ غيرِ الجِنْسِ فيما دُونَ خَمْسٍ وعِشرينَ من الإبِلِ، وجَعَلَ الأوْقَاصَ فى السَّائِمَةِ، وضَمَّ الأرْبَاحَ والنِّتَاجَ إلى حَوْلِ أَصْلِها مَقْرُونًا بِدَفْعِ هذه المَفْسَدَةِ، فيَدُلُّ على أنَّه عِلَّةٌ لذلك، فيَجِبُ تَعْدِيَةُ الحُكْمِ إلى مَحَلِّ النِّزَاعِ. وقال مالِكٌ كَقَوْلِه فى السَّائِمَةِ؛ دَفْعًا لِلتَّشْقِيصِ فى (١٦) الوَاجِبِ، كقَوْلِنا فى الأثْمَانِ؛


(١٢) فى م: "عنده".
(١٣) فى أ، م: "الحول".
(١٤) فى الأصل: "فيزكيها".
(١٥) سورة الحج ٧٨.
(١٦) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>