للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَدَمِ ذلك فيها. ولَنا، حَدِيثُ عائشةَ، عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا زَكَاةَ فِى مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ" (١٧). ورَوَى التِّرْمِذِىُّ (١٨)، عن ابْنِ عمرَ، أنَّه قال: مَن اسْتَفَادَ مَالًا، فَلا زَكَاةَ فيه حتى يَحُولَ عليه الحَوْلُ. وَرُوِىَ مَرْفُوعًا عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلَّا [أن التِّرْمِذِىَّ] (١٩) قال: المَوْقُوفُ أصَحُّ، وإنَّما رَفَعَهُ عَبْدُ الرحمنِ بن زيدِ (٢٠) بنِ أسْلَمَ، وهو ضَعِيفٌ. وقد رُوِىَ عن أبى بكرٍ الصِّدِّيقِ وعلىٍّ، وابْنِ عمرَ، وعائشةَ، وعَطاءٍ، وعمرَ بن عبدِ العَزِيزِ، وسَالِمٍ، والنَّخَعِىِّ، أنَّه لا زَكَاةَ فى المُسْتَفادِ حتى يَحُولَ عليه الحَوْلُ. ولأنَّه مَمْلُوكٌ أصْلًا، فَيُعْتَبَرُ فيه الحَوْلُ شَرْطًا، كالمُسْتَفادِ من غيرِ الجِنْسِ، ولا تُشْبِهُ هذه الأمْوَالُ الزُّرُوعَ والثِّمَارَ، لأنَّها [تَتَكَامَلُ ثِمَارُها] (٢١) دُفْعَةً وَاحِدَةً، ولهذا لا تَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ فيها، وهذه نَمَاؤُها بنَقْلِها (٢٢)، فاحْتَاجَتْ إلى الحَوْلِ. وأمَّا الأرْبَاحُ والنِّتاجُ، فإنَّما ضُمَّتْ إلى أَصْلِها؛ لأنَّها تَبَعٌ له، ومُتَوَلِّدَةٌ منه، ولم (٢٣) يُوجَدْ ذلك فى مَسْألَتِنَا، وإن سَلَّمْنَا أنَّ عِلَّةَ ضَمِّها، ما ذَكَرُوهُ من الحَرَجِ، فلا يُوجَدُ ذلك فى مَسْأَلَتِنَا؛ لأنَّ الأرْبَاحَ تَكْثُرُ وتَتَكَرَّرُ فى الأيَّامِ والسَّاعاتِ، ويَعْسُرُ ضَبْطُها، وكذلك النتاجُ، وقد يُوجَدُ ولا يُشْعَرُ به، فالمَشَقَّةُ فيه أَتَمُّ؛ لِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهِ، بِخِلَافِ هذه الأسبابِ المُسْتَقِلَّةِ،


(١٧) تقدم تخريجه فى صفحة ٤٦.
وفى الأصل بعد هذا زيادة: "وروى ذلك عن النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
(١٨) فى: باب ما جاء لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١٢٥. كما أخرجه البيهقى، فى: باب لا يعد عليهم بما استفادوه من غير نتاجها حتى يحول عليه الحول، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١٠٣، ١٠٤. والدارقطنى، فى: باب وجوب الزكاة بالحول، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى ٢/ ٩٢. والإمام مالك، فى: باب الزكاة فى العين من الذهب والورق، من كتاب الزكاة. الموطأ ١/ ٢٤٦.
(١٩) فى الأصل، ب: "أنه".
(٢٠) فى م: "يزيد" خطأ.
(٢١) فى ب: "يتكامل نماؤها".
(٢٢) فى الأصل: "بتقلبها".
(٢٣) فى أ، م: "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>