للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسْألةِ إلى وُجُودِ إصابَة القِوَامِ أو السِّدَادِ، ولأنَّ الحَاجَةَ هي الفَقْرُ، والغِنَى ضِدُّها، فمَنْ كان مُحْتَاجًا فهو فَقِيرٌ فيَدْخُلُ (١٤) في عُمُومِ النَّصِّ، ومَن اسْتَغْنَى دَخَلَ في عُمُومِ النُّصُوصِ المُحَرِّمَةِ، والحَدِيثُ الأوَّلُ فيه ضَعْفٌ، ثم يجوزُ أن تَحْرُمَ المَسْأَلَةُ ولا (١٥) يحرُم أخْذُ الصَّدَقَةِ إذا جَاءَتْهُ من غيرِ المَسْأَلَةِ، فإنَّ المَذْكُورَ فيه تَحْرِيمُ المَسْألَةِ، فنَقْتَصِرُ عليه. وقال الحسنُ وأبو عُبَيْدٍ: الغِنَى مِلْكُ أُوقِيَّةٍ، وهي أرْبَعُونَ دِرْهَمًا؛ لما رَوَى أبو سعيدٍ الخُدْرِيِّ، قال: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ سَأَلَ وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ فَقَدْ أَلْحَفَ". وكانت الأُوقِيَّةُ على عَهْدِ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرْبَعِينَ دِرْهَمًا. رَواهُ أبو دَاوُدَ (١٦). وقال أصْحابُ الرَّأْيِ: الغِنَى المُوجبُ لِلزَّكَاةِ هو المانِعُ من أخْذِها، وهو مِلْكُ نِصَابٍ تَجِبُ فيه الزكاةُ، من الأَثْمَانِ، أو العُرُوضِ المُعَدَّةِ لِلتِّجَارَةِ، أو السَّائِمَةِ، أو غيرِها؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمُعَاذٍ: "أعْلِمْهُمْ أنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ من أَغْنِيَائِهِمْ، فتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ" (١٧)، فجعَلَ الأغْنِياءَ مَن تَجِبُ عليهم الزكاةُ، فيَدُلُّ ذلك على أنَّ مَنْ تَجِبُ عليه غَنِيٌّ، ومَن لا تَجِبُ عليه ليس بِغَنِيٍّ، فيكونُ فَقِيرًا، فَتُدْفَعُ الزكاةُ إليه؛ لِقَوْلِه: "فَتُرَدُّ في فُقَرَائِهِمْ". ولأنَّ المُوجِبَ لِلزكاةِ الغِنَى (١٨)، والأصْلُ عَدَمُ الاشْتِرَاكِ، ولأنَّ مَن لا نِصَابَ له لا تَجِبُ عليه الزكاةُ فلا يُمْنَعُ منها، كمَنْ يَمْلِكُ دُونَ الخَمْسِينَ، ولا لَهُ ما يَكْفِيهِ. فيَحْصُلُ الخِلافُ بَيْنَنَا وبينهم في أُمُورٍ ثلاثةٍ: أحدُها، أنَّ الغِنَى المَانِعَ مِن الزكاةِ غيرُ المُوجِبِ لها عِنْدَنا. ودَلِيلُ ذلك حَدِيثُ ابْنِ مسعودٍ، وهو أخَصُّ من حَدِيثِهم. فيَجِبُ تَقْدِيمُه، ولأنَّ حَدِيثَهم دَلَّ على الغِنَى المُوجِبِ، وحَدِيثُنَا


(١٤) في م: "يدخل".
(١٥) في الأصل: "وما".
(١٦) في: باب من يعطى من الصدقة وحدّ الغنى، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود ١/ ٣٧٨. كما أخرجه النسائي، في: باب من الملحف، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٧٣. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٧، ٩.
(١٧) تقدم تخريجه في صفحة ٥.
(١٨) في الأصل، أ، ب: "غنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>