للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَوَاشِى. والرِّوَايَةُ الثانيةُ، أنَّ الحُبُوبَ كُلَّها تُضَمُّ بَعْضُها إلى بَعْضٍ في إكْمالِ (١١) النِّصَابِ. اخْتَارَها أبو بكرٍ. وهذا قولُ عِكْرِمَةَ، وحَكَاهُ ابنُ المُنْذِرِ عن طَاوُس. وقال أبُو عُبَيْدٍ (١٢): لا نَعْلَمُ أحَدًا من الماضِينَ جَمَعَ بينهما إلَّا عِكْرِمَةَ. وذلك لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَا زَكَاةَ فِى حَبٍّ ولا ثَمَرٍ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ" (١٣). ومَفْهُومُه وُجُوبُ الزَّكاةِ فيه إذا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ. ولأنَّها تَتَّفِقُ في النِّصَاب وقَدْرِ المُخْرَجِ، والمَنْبِتِ والحَصَادِ (١٤)، فَوَجَبَ ضَمُّ بَعْضِها إلى بَعْضٍ، كأنْواعِ الجِنْسِ. وهذا الدَّلِيلُ مُنْتَقِضٌ بالثِّمارِ. والثَّالِثَةُ، أنَّ الحِنْطَةَ تُضَمُّ إلى الشَّعِيرِ، وتُضَمُّ القِطْنِيَّاتُ بَعْضُها إلى بَعْضٍ. نَقَلَها أبو الحارِثِ، عن أحمدَ، وحَكاهَا الخِرَقِيُّ. قال القاضى: وهذا هو الصَّحِيحُ. وهو مذهبُ مالِكٍ، واللَّيْثِ، إلَّا أنَّه زَادَ، فقال: السُّلْتُ، والذُّرَةُ، والدُّخْنُ، والأرُزُّ، والقَمْحُ، والشَّعِيرُ، صِنْفٌ واحِدٌ. ولَعَلَّهُ يَحْتَجُّ بأنَّ هذا كُلَّه مُقْتَاتٌ، فيُضَمُّ بَعْضُه إلى بَعْضٍ، كأنْوَاعِ الحِنْطَةِ. وقال الحسنُ، والزُّهْرِيُّ: تُضَمُّ الحِنْطَةُ إلى الشَّعِيرِ؛ لأنَّها تَتَّفِقُ في الاقْتِيَاتِ والمَنْبِتِ والحَصَادِ والمَنَافِعِ، فوَجَبَ ضَمُّها، كما يُضَمُّ العَلَسُ إلى الحِنْطَةِ، وأنْوَاعُ الجِنْسِ بَعْضُها إلى بَعْضٍ. والرِّوَايَةُ الأُولَى أوْلَى، إن شاءَ اللهُ تعالى؛ لأنَّها أجْناسٌ يجوزُ التَّفَاضُلُ فيها، فلم يُضَمَّ بَعْضُها إلى بَعْضٍ كالثِّمَارِ. ولا يَصِحُّ القِيَاسُ على العَلَسِ مع الحِنْطَةِ؛ لأنَّه نَوْعٌ منها، ولا على أنْوَاعِ الجِنْسِ؛ لأنَّ [أنْواعَ الجِنْسِ] (١٥) كُلَّها جِنْسٌ وَاحِدٌ يَحْرُمُ التَّفَاضُل فيها، وثَبَتَ حُكْمُ الجِنْسِ في جَمِيعِها، بِخِلافِ الأَجْناسِ. وإذا انْقَطَعَ القِيَاسُ، لم يَجُزْ إيجَابُ الزكاةِ بالتَّحَكُّمِ، ولا بِوَصْفٍ غير مُعْتَبَرٍ، ثم هو بَاطِلٌ بالثِّمارِ (١٦)، فإنَّها


(١١) في أ، م: "تكميل".
(١٢) في الأموال ٤٧٣.
(١٣) تقدم تخريجه في صفحة ١٥٧.
(١٤) سقط من: الأصل، ب.
(١٥) في أ، م: "الأنواع".
(١٦) في الأصل: "الثمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>