للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيرُ الخِرَقِيِّ من أصْحَابِنَا: إن كانْ النَّقْصُ يَسِيرًا، كالحَبَّةِ والحَبَّتَيْنِ، وَجَبَتِ الزكاةُ؛ لأنَّه لا يُضْبَطُ غَالِبًا، فهو كنَقْصِ الحَوْلِ ساعَةً أو ساعَتَيْنِ، وإن كان نَقْصًا بَيِّنًا، كالدَّانَقِ (٥) والدَّانَقَيْنِ، فلا زكاةَ فيه. وعن أحمدَ، أن نِصابَ الذَّهَبِ إذا نَقَصَ ثُلُثَ مِثْقَالَ زَكَّاهُ. وهو قولُ عمرَ بن عبدِ العزيزِ، وسُفْيَانَ. وإن نَقَصَ نِصْفًا لا زَكاةَ فيه. وقال أحمدُ، في مَوْضِعٍ آخَرَ: إذا (٦) نَقصَ ثُمْنًا لا زَكَاةَ فيه. اخْتَارَهُ أبو بكرٍ. وقال مالِكٌ: إذا نَقَصَتْ نَقْصًا يَسِيرًا يجوزُ جَوَازَ الوَازِنَةِ، وَجَبَتِ الزكاةُ، لأنَّها تجُوزَ جَوَازَ الوَازِنَةِ، أشْبَهَتِ الوَازِنَةَ. والأوَّلُ ظَاهِرُ الخَبَرِ، فيَنْبَغِى أن لا يُعْدَلَ عنه. فأمَّا قَوْلُه: "إلَّا أن يَكُونَ في مِلْكِه ذَهَبٌ أو عُرُوضٌ لِلتِّجَارَةِ فيُتِمُّ به". فإنَّ عُرُوضَ التِّجَارَةِ تُضَمُّ إلى كل وَاحِدٍ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ويكْمُلُ به نِصَابُه. لا نَعْلَمُ فيه اخْتِلافًا. قال الخَطَّابِيُّ: لا أعْلَمُ عَامَّتَهم اخْتَلَفُوا فيه؛ وذلك (٧) لأنَّ الزكاةَ إنَّما تَجِبُ في قِيمَتِها، فتُقَوَّمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ منهما، فتُضَمُّ إلى كلِّ وَاحِدٍ منهما. ولو كان له ذَهَبٌ وفِضَّةٌ وعُرُوضٌ، وَجَبَ ضَمُّ الجَمِيعِ بَعْضِه إلى بَعْضٍ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ؛ لأنَّ العُرُوضَ (٨) مَضْمُومٌ إلى كُلِّ وَاحِدٍ منهما، فيَجِبُ ضَمُّهما إليه، وجَمْعُ الثَّلَاثَةِ. فأمَّا إنْ كان له مِن كُلِّ وَاحِدٍ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ ما لا يَبْلُغُ نِصَابًا بِمُفْرَدِه، أو كان له نِصَابٌ من أحَدِهما وأقَلُّ من نِصابٍ من الآخَرِ، فقد تَوَقَّفَ أحمدُ عن ضَمِّ أحَدِهما إلى الآخَرِ، في روَايَةِ الأثْرَمِ وجَمَاعَةٍ، وقَطَعَ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، أنَّه لا زَكَاةَ عليه حتى يَبْلُغَ كُلُّ وَاحِدٍ منهما نِصَابًا. وذَكَرَ الخِرَقِيُّ فيه رِوَايَتَيْنِ في البَابِ قَبْلَه، إحْدَاهُما لا يُضَمُّ. وهو قولُ ابْنِ أبى لَيْلَى، والحسنِ بنِ صَالِحٍ، وشَرِيكٍ، والشَّافِعِيِّ، وأبي عُبَيْدٍ، وأبى ثَوْرٍ. واخْتَارَه أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ؛


(٥) الدانق: سدس الدرهم.
(٦) في م: "إن".
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) في الأصل، ب: "العرض".

<<  <  ج: ص:  >  >>