للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أوَاقٍ صَدَقَةٌ" (٩). ولأنَّهما مالَانِ يَخْتَلِفُ نِصابُهما، فلا يُضَمُّ أحَدُهما إلى الآخَرِ، كأجْنَاسِ الماشِيَةِ. والثانية، يُضَمُّ أحَدُهما إلى الآخَر في تَكْمِيلِ النِّصابِ. وهو قولُ الحسنِ، وقَتَادَةَ، ومالِكٍ، والأوْزَاعِيِّ، والثَّوْرِيِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ أحَدَهما يُضَمُّ إلى ما يُضَمُّ إليه الآخَرُ، فَيُضَمُّ إلى الآخَرِ. كأنْوَاعِ الجِنْسِ، ولأنَّ نَفْعَهما واحِدٌ، [والمقصودُ منهما مُتَّحِدٌ] (١٠)، فإنَّهما قِيَمُ المُتْلَفَاتِ، وأُرُوشُ الجِنَايَاتِ، وأَثْمَانُ البِياعاتِ، وحَلْيٌ لمن يُرِيدُهما لذلك، فأشْبَها (١١) النَّوْعَيْنِ، والحَدِيثُ مَخْصُوصٌ بِعَرْضِ التِّجَارَةِ، فَنَقِيسُ عليه. فإذا قُلْنَا بالضَّمِّ، فإنَّ أحَدَهما يُضَمُّ إلى الآخَر بالأجْزاءِ، يَعْنِى أنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما يُحْتَسَبُ من نِصابِه، فإذا كَمَلَتْ أجْزَاؤُهما نِصَابًا، وَجَبَتِ الزكَاةُ، مثل أن يكونَ عندَه نِصْفُ نِصابٍ من أحَدِهما، ونِصْفُ نِصابٍ أو أكْثَرُ من الآخَرِ، أو ثُلُثٌ منٍ أحَدِهما، وثُلُثَانِ أو أكْثَرُ من الآخَرِ. فلو مَلَكَ مائةَ دِرْهَمٍ وعَشَرَةَ دَنَانِيرَ، أو مائةً وخَمْسِينَ دِرْهَمًا وخَمْسَةَ دَنَانِيرَ، أو مائةً وعِشْرِينَ دِرْهَمًا وثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ، وَجَبَتِ الزكاةُ فيهما. وإن نَقَصَتْ أَجْزَاؤُهُما عن نِصابٍ فلا زَكاةَ فيهما. سُئِلَ أحمدُ، عن رَجُلٍ عنده ثَمانِيَةُ دَنانِيرَ ومائةُ دِرْهَمٍ؟ فقال: إنَّما قال مَن قال فيهما الزكاةُ، إذا كان عِنْدَه عَشَرَةُ دَنانِيرَ ومائةُ دِرْهَمٍ. وهذا قولُ مالِكٍ، وأبى يوسفَ، ومحمدٍ، والأوْزَاعِيِّ؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما لا تُعْتَبَرُ قِيمَتُه في وُجُوبِ الزكاةِ إذا كان مُنْفَرِدًا، فلا تُعْتَبَرُ إذا كان عندَه (١٢) مَضْمومًا (١٣)،


(٩) تقدم تخريجه في صفحة ١٢.
(١٠) في م: "والأصول فيهما متحدة".
(١١) في ب، م: "فأشبه".
(١٢) في م زيادة: "عنده عشرة دنانير".
(١٣) في م: "مضمومة".

<<  <  ج: ص:  >  >>