للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَدِيمَةِ، والتُّلُولِ، وجُدْرَانِ الجَاهِلِيَّةِ، وقُبُورِهم. فهذا فيه الخُمْسُ بغيرِ خِلافٍ، سِوَى ما ذَكَرْنَاهُ. ولو وَجَدَهُ في هذه الأرْضِ على وَجْهِها، أو في طَرِيقٍ غيرِ مَسْلُوكٍ، أو قَرْيَةٍ خَرَابٍ، فهو كذلك في الحُكْمِ؛ لما رَوَى عَمْرُو بن شُعَيْبٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّه، قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن اللُّقَطَةِ؟ فقال: "مَا كَانَ فِى طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، أوْ فِى قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإنْ جَاءَ صَاحِبُها، وإلَّا فَلَكَ، ومَا لَمْ يَكُنْ في طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، ولَا فِى قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَفِيهِ وفِى الرِّكَازِ الخُمْسُ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (١٢). القسم الثانى، أن يَجِدَهُ في مِلْكِه المُنْتَقِلِ إليه، فهو له في [إحْدَى الرِّوايَتْين] (١٣)؛ لأنَّه مالُ كَافِرٍ مَظْهُورٌ عليه في الإسلامِ، فكان لِمَنْ ظَهَر عَليه كالغَنائِمِ، ولأنَّ الرِّكَازَ لا يُمْلَكُ بمِلْكِ الأرْضِ، لأنَّه مُودَعٌ فيها، وإنَّما يُمْلَكُ بالظُّهُورِ عليه، وهذا قد ظَهَر عليه، فوَجَبَ أن يَمْلِكَهُ. والرِّوَايَةُ الثانيةُ، هو لِلْمَالِكِ قبلَه إن اعْتَرَفَ به، وإن لم يَعْتَرِفْ به فهو للذى قَبْلَه كذلك إلى أوَّلِ مَالِكٍ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه كانت يَدُهُ على الدَّارِ، فكانت علَى ما فيها. وإن انْتَقَلَتِ الدَّارُ بالمِيرَاثِ، حُكِمَ بأنَّه مِيراثٌ، فإن اتَّفَقَ الوَرَثَةُ على أنَّه لم يَكُنْ لِمَوْرُوثِهم، فهو لأوَّلِ مَالِكٍ، فإنْ لم يُعْرَفْ أوَّلُ مَالِكٍ، فهو كالمالِ الضَّائِعِ الذى لا يُعْرَفْ له مَالِكٌ. والأوَّلُ أصَحُّ، إن شاءَ اللهُ تعالى؛ لأنَّ الرَّكَازَ لا يُمْلَكُ بمِلْكِ الدَّارِ، لأنَّه ليس من أجْزائِها وإنَّما هو مُودَعٌ فيها، فيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ المُبَاحاتِ من الحَشِيشِ والحَطَبِ والصَّيْدِ يَجِدُه في أرْضِ غَيْرِه، فيَأْخُذُه، فيكونُ أحَقَّ به، لكن إن ادَّعَى المالِكُ الذى انْتَقَلَ المِلْكُ عنه أنَّه له، فالقَوْلُ قَوْلُه؛ لأنَّ يَدَهُ كانت عليه، لِكَوْنِها (١٤) على مَحِلِّه، وإن لم يَدَّعِه، فهو لِوَاجِدِه. وإن اخْتَلَفَ الوَرَثَةُ،


(١٢) في: باب المعدن، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٣٣.
كما أخرجه أبو داود، في: كتاب اللقطة. سنن أبى داود ١/ ٣٩٧. والإمام أحمد، في: المسند
٢/ ١٨٠، ١٨٦، ٢٠٣.
(١٣) في م: "أحد الوجهين".
(١٤) في الأصل، ب: "بكونها".

<<  <  ج: ص:  >  >>