للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَجْهَيْنِ، والآخَرِ، هو لِلْمَالِكِ، بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ، في مَن وَجَدَ رِكَازًا في مِلْكٍ انْتَقَلَ إليه، وإن اخْتَلَفَا، فقال كُلُّ وَاحِدٍ منهما: هذا كان (١٧) لِى. فعلى وَجْهَيْنِ أيضا (١٧): أحدُهما، القَوْلُ قَوْلُ المَالِكِ؛ لأنَّ الدِّفْنَ تَابِعٌ لِلأَرْضِ. والثاني، القَوْلُ قَوْلُ المُكْتَرِى؛ لأن هذا مُودَعٌ في الأرْضِ، وليس منها، فكان القَوْلُ قَوْلَ من يَدُهُ عليها، كالقماشِ. القسم الرابع، أن يَجِدَهُ في أرْضِ الحَرْبِ، فإن لم يَقْدِرْ عليه إلَّا بِجَمَاعَةٍ من المُسْلِمِينَ، فهو غَنِيمَةٌ لهم، وإن قَدَرَ عليه بِنَفْسِه، فهو لِوَاجِدِه، حُكْمُه حُكْمُ ما لو وَجَدَه في مَوَاتٍ في أرْضِ المُسْلِمِينَ. وقال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِيُّ: إن عَرَفَ مَالِك الأرْضِ، وكان حَرْبِيًّا، فهو غَنِيمَةٌ أيضا؛ لأنَّه في حِرْزِ مَالِكٍ مُعَيَّنٍ؛ فأشْبَهَ ما لو أخَذَهُ من بَيْتٍ أو خِزَانَةٍ. ولَنا، أنَّه ليس لِمَوْضِعِه مَالِكٌ مُحْتَرَمٌ، أشْبَهَ ما لو لم يُعْرَفْ مَالِكُهُ. ويُخَرَّجُ لنا مثلُ قَوْلِهم، بِنَاءً على قَوْلِنا إنَّ الرِّكَازَ في دَارِ الإسلامِ يكونُ لِمَالِكِ الأرْضِ.

الفصل الثالث، فئ صِفَةِ الرِّكَازِ الذى فيه الخُمْسُ، وهو كُلُّ ما كان مَالًا على اخْتِلَافِ أنْوَاعِه، من الذَّهَبِ والفِضَّةِ والحَدِيدِ والرَّصاصِ والصُّفْرِ والنُّحاسِ والآنِيَةِ وغير ذلك. وهو قَوْلُ إسحاقَ، وأبي عُبَيْدٍ، وابْنِ المُنْذِرِ، وأصْحابِ الرَّأْيِ، وإحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن مَالِكٍ، وأحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِيِّ، والقَوْلُ الآخَرُ: لا تَجِبُ إلَّا في الأثْمانِ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه عليه السَّلَامُ: "وفِى الرِّكَازِ الخُمْسُ" (١٨). ولأنَّه مالٌ مَظْهُورٌ عليه من مالِ الكُفَّارِ، فوَجَبَ فيه الخُمْسُ مع اخْتِلَافِ أنْوَاعِهِ، كالغَنِيمَةِ. إذا ثَبَتَ هذا فإن الخُمْسَ يَجِبُ في قَلِيلِه وكَثِيرِه، في قَوْلِ إمَامِنَا، ومَالِكٍ، وإسحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْيِ، والشَّافِعِيِّ في القَدِيمِ. وقال في الجَدِيدِ: يُعْتَبَرُ النِّصابُ فيه؛ لأنَّه حَقُّ مالٍ يَجِبُ فيما اسْتُخْرِجَ من الأرْضِ، فاعْتُبِرَ فيه


(١٧) سقط من: م.
(١٨) تقدم تخريجه في صفحة ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>