للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّصابُ، كالمَعْدِنِ والزَّرْعِ. ولَنا، عُمُومُ الحَدِيثِ، ولأنَّه مَالٌ مَخْمُوسٌ، فلا يُعْتَبَرُ له نِصابٌ، كالغَنِيمَةِ، ولأنَّه مالُ كَافِرٍ مَظْهُورٌ عليه في الإسلامِ، فأشْبَهَ الغَنِيمَةَ، والمَعْدِنُ والزَّرْعُ يَحْتَاجُ إلى عَمَلٍ ونَوَائِبَ، فاعْتُبِرَ فيه النِّصَابُ تَخْفِيفًا، بخِلافِ الرِّكَازِ، ولأنَّ الوَاجِبَ فيهما مُواساةٌ، فاعْتُبِرَ النِّصَابُ لِيَبْلُغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ المُوَاسَاةَ منه، بخِلافِ مَسْأَلتِنَا.

الفَصْلُ الرَّابِع، في قَدْرِ الوَاجِبِ في الرِّكَازِ، ومَصْرِفِهِ، أما قَدْرُهُ فهو الخُمْسُ؛ لما قَدَّمْنَاهُ من الحَدِيثِ والإجْمَاعِ، وأما مَصْرِفُه فاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ فيه، [مع ما فيه] (١٩) من اخْتِلافِ أهْلِ العِلْمِ. فقال الخِرَقِيُّ: هو لأهْلِ الصَّدَقاتِ. ونَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فقال: يُعْطِى الخُمْسَ من الرِّكَازِ على مَكَانِه، وإن تَصَدَّقَ به على المَسَاكِينِ أجْزَأهُ. وهذا قولُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ علىَّ ابن أبي طالِبٍ رَضِىَ اللَّه عنه، أمَرَ صَاحِبَ الكَنْزِ أن يَتَصَدَّقَ به على المَسَاكِينِ. حَكَاهُ الإِمامُ أحمدُ، وقال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عن عبدِ اللهِ بن بِشْرٍ الخَثْعَمِيِّ، عن رَجُلٍ مِن قَوْمِهِ يُقَالُ له: ابن حُمَمَةَ، قال: سَقَطْتُ على جَرَّةٍ من ديرٍ قَدِيمٍ بالكُوفَةِ، عند جَبَّانَةِ بِشْرٍ، فيها أرْبَعَةُ آلافِ دِرْهَمٍ، فذَهَبْتُ بها إلى عليٍّ رَضِىِ اللَّه عنه. فقال: اقْسِمْهَا خَمْسَةَ أخْمَاسٍ. فقَسَمْتُها، فأخَذَ عَلِىٌّ منها خُمْسًا، وأعْطَانِى أرْبَعَةَ أخْمَاسٍ، فلمَّا أدْبَرْتُ دَعَانِى، فقال: في جِيرَانِكَ فُقَرَاءُ ومَسَاكِينُ؟ قلتُ: نعم. قال: فخُذْها فاقْسِمْها بينهم (٢٠). ولأنَّه مُسْتَفادٌ من الأرْضِ، أشْبَهَ المَعْدِنَ والزَّرْعَ. والرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، مَصْرِفُه مَصْرِفُ الفَىْءِ. نَقَلَهُ محمدُ بن الحَكَمِ، عن أحمدَ. وهذه الرِّوَايَةُ أصَحُّ، وأَقْيَسُ على مَذْهَبِه. وبه قال أبو حنيفةَ، والمُزَنِيُّ؛ لما رَوَى أبو عُبَيْدٍ (٢١)، عن هُشَيْمٍ، عن مُجالِدٍ، عن


(١٩) سقط من: الأصل.
(٢٠) أخرجه البيهقي، في: باب ما روى عن على رضى اللَّه عنه في الركاز، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١٥٧.
(٢١) في: الأموال ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>