للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّعْبىِّ، أنَّ رَجُلًا وَجَدَ ألْفَ دِينَارٍ مَدْفُونَةً خَارِجًا من المَدِينَةِ، فأتَى بهما عمرَ بن الخَطَّابِ، فأخَذَ منها الخُمْسَ مائَتَىْ دِينَارٍ، ودَفَعَ إلى الرَّجُلِ بَقِيَّتَهَا، وجَعَلَ عمرُ يَقْسِمُ المائتَيْنِ بين مَن حَضَرَهُ من المُسْلِمِينَ، إلى أن فضَلَ (٢٢) منها فَضْلَةٌ، فقال: أينَ صاحبُ الدَّنَانِير؟ فقامَ إليه، فقالَ عمرُ: خُذْ هذه الدَّنَانِيرَ فهى لك. ولو كان (٢٣) زَكَاةً خَصَّ (٢٤) بها أهْلَها، ولم يَرُدَّهُ على وَاجِدِه، ولأنَّه يَجِبُ على الذِّمِّىِّ، والزكاةُ (٢٥) لا تَجِبُ عليه، ولأنَّه مَالٌ مَخْمُوسٌ زَالَتْ عنه يَدُ الكَافِرِ، أشْبَهَ خُمْسَ الغَنِيمَةِ.

الفَصْلُ الخَامِسُ، في مَن يَجِبُ عليه الخُمْسُ. وهو كُلُّ مَنْ وَجَدَه، من مُسْلِمٍ وذِمِّىٍّ، وحُرٍّ وعَبْدٍ ومُكَاتَبٍ، كبِيرٍ وصَغِيرٍ، وعَاقِلٍ ومَجْنُونٍ، إلَّا أنَّ الوَاجِدَ له إذا كان عَبْدًا فهو لِسَيِّدِه؛ لأنَّه كَسْبُ مالٍ، فأشْبَهَ الاحْتِشاشَ والاصْطيادَ، وإن كان مُكَاتَبًا مَلَكَه، وعليه خُمْسُه؛ لأنَّه بِمَنْزِلَة كَسْبِه، وإن كان صبَيًّا أو مَجْنُونًا فهو لهما، ويُخْرِجُ عنهما وَلِيُّهُما. وهذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ (٢٦) مَن نَحْفَظُ (٢٧) عنه من أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ على الذِّمِّىِّ في الرِّكَازِ يَجِدُه الخُمْسَ. قَالَه مَالِكٌ، وأهْلُ المَدِينَةِ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ، وأهْلُ العِراقِ، [من أصْحابِ] (٢٨) الرَّأْيِ، وغَيْرُهم. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يَجِبُ الخُمْسُ إلَّا على مَن تَجِبُ عليه الزكاةُ؛ لأنَّه زَكَاةٌ. وحُكِىَ عنه في الصَّبِىِّ والمَرْأَةِ أنَّهما لا يَمْلِكانِ الرِّكازَ. وقال الثَّوْرِىُّ، والأَوْزاعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ: إذا كان الوَاجِدُ له عَبْدًا، يُرْضَخُ له منه، ولا يُعْطَاهُ كُلَّه. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه عليه السَّلَامُ: "وفى الرِّكَازِ الخُمْسُ". فإنَّه يَدُلُّ بِعُمُومِه على وُجُوبِ الخُمْسِ في كلِّ ركَازٍ


(٢٢) في م: "أفضل".
(٢٣) في م: "كانت".
(٢٤) في م: "لخص".
(٢٥) في الأصل: "والركاز".
(٢٦) سقط من: الأصل، ب.
(٢٧) في الأصل، ب: "أحفظ".
(٢٨) في م: "وأصحاب" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>