للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرْضِ، ممَّا يُخْلَقُ فيها من غَيْرِها مِمَّا له قِيمَةٌ، كالذى ذَكَرَهُ الخِرَقِىُّ ونحوِه من الحَدِيدِ، واليَاقُوتِ، والزَّبَرْجَدِ، والبِلَّوْرِ، والعَقِيقِ، والسَّبَجِ، والكُحْلِ، والزَّاجِ (٣). والزِّرْنِيخِ، والمَغْرَةِ (٤). وكذلك المَعَادِنُ الجَارِيَةُ، كالقَارِ، والنِّفْطِ، والكِبْرِيتِ، ونحوِ ذلك. وقال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: لا تَتَعَلَّقُ الزكاةُ إلَّا بالذَّهَبِ والفِضَّةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا زَكَاةَ في حَجَرٍ" (٥). ولأنَّه مالٌ مُقَوَّمٌ (٦) مُسْتَفَادٌ من الأرْضِ، أشْبَهَ الطِّينَ الأحْمَرَ. وقال أبو حنيفةَ، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عنه: تَتَعَلَّقُ الزكاةُ بكُلِّ ما يَنْطَبِعُ، كالرَّصَاصِ والحَدِيدِ والنُّحَاسِ، دُونَ غَيْرِه. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (٧) ولأنَّه مَعْدِنٌ، فَتَعَلَّقَتِ الزكاةُ بالخارِجِ منه كالأثْمانِ، ولأنَّه مالٌ لو غَنِمَهُ وَجَبَ عليه (٨) خُمْسُه، فإذا أخْرَجَه من مَعْدنٍ وَجَبَتْ [فيه الزكاةُ] (٩) كالذَّهَبِ. وأمَّا الطِّينُ فليس بِمَعْدِنٍ؛ لأنَّه تُرَابٌ. والمَعْدِنُ: ما كان في الأرْضِ مِن غيرِ جِنْسِهَا.

الفَصْلُ الثَّانِى، في قَدْرِ الوَاجِبِ وصِفَتِه، وقَدْرُ الوَاجِبِ فيه رُبْعُ العُشْرِ. وصِفَتُه أنَّه زَكَاةٌ. وهذا قَوْلُ عمرَ بن عبدِ العزيزِ، ومالِكٍ. وقال أبو حنيفةَ: الوَاجِبُ فيه الخُمْسُ، وهو فَىْءٌ. واخْتَارَهُ أبو عُبَيْدٍ (١٠)، وقال الشَّافِعِىُّ: هو زَكَاةٌ. واخْتَلَفَ قَوْلُه في قَدْرِهِ كالمَذْهَبَيْنِ. واحْتَجَّ من أَوْجَبَ الخُمْسَ بِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا لَمْ يَكُنْ في طَرِيقٍ مَأْتِىٍّ، وَلَا في قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَفِيه وَفِى الرِّكَازِ


(٣) الزاج الأبيض: كبريتات الخارصين. والزاج الأزرق: كبريتات النحاس. والزاج الأخضر: كبريتات الحديد.
(٤) المغرة: الطين الأحمر يصبغ به.
(٥) أخرجه البيهقى، في: باب ما لا زكاة فيه من الجواهر غير الذهب والفضة، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١٤٦. وابن عدى، في: الكامل في ضعفاء الرجال ٥/ ١٦٨١.
(٦) في م: "يقوم بالذهب والفضة".
(٧) سورة البقرة ٢٦٧.
(٨) سقط من: الأصل، ب.
(٩) في الأصل، ب: "زكاته".
(١٠) انظر: الأموال ٣٤٠، ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>